لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ فَيُضَافُ إلَى الشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْطِ مُتَعَدٍّ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيمَا إذَا حَفَرَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. (بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْقَعَ نَفْسَهُ. وَأَمَّا وَضْعُ الْحَجَرِ وَإِشْرَاعُ الْجَنَاحِ وَالْحَائِطِ الْمَائِلِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، فَمِنْ قِسْمِ الْأَسْبَابِ. وَأَمَّا شَرْطٌ فِي حُكْمِ السَّبَبِ، وَهُوَ شَرْطٌ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِعْلُ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَنْسُوبٍ إلَيْهِ كَمَا إذَا حَلَّ قَيْدَ عَبْدِ الْغَيْرِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا فَإِنَّ الْحَلَّ لَمَّا سَبَقَ الْإِبَاقَ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ التَّلَفِ صَارَ كَالسَّبَبِ فَإِنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى صُورَةِ الْعِلَّةِ
ــ
[التلويح]
أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْعِلَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ وَزْنَ الْقَيْدِ مُتَحَقِّقُ الْوُجُودِ وَالشَّرْطُ مَا يَكُونُ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّ التَّعْلِيقَ لَمَّا كَانَ مُقَدَّرًا يَعْتَرِفُ بِهِ الْمَالِكُ، وَالشُّهُودُ قَدْ شَهِدُوا بِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ بِالتَّنْجِيزِ فَكَانُوا شُهُودَ الْعِلَّةِ لِإِثْبَاتِهِمْ الْعِتْقَ فِي الْحَقِيقَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: نَحْنُ لَا نُثْبِتُ الضَّمَانَ حَتَّى يُضَافَ إلَى الْعِلَّةِ أَوْ الشَّرْطِ بَلْ نُثْبِتُ الْعِتْقَ بِلَا شَيْءٍ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْعِتْقَ حُكْمٌ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِ الْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْ الضَّمَانِ، وَالْعِتْقُ بِلَا شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الضَّمَانِ عَلَى السَّيِّدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَشْيُ مُبَاحٌ) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْيَ، وَإِنْ كَانَ سَبَبًا، وَهُوَ يُشَارِكُ الْعِلَّةَ فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْحُكْمِ وَالِاتِّصَالِ بِهِ فَعِنْدَ تَعَذُّرِ الْإِضَافَةِ إلَى الْعِلَّةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ الشَّرْطِ إلَّا أَنَّ الضَّمَانَ ضَمَانُ عُدْوَانٍ فَلَا بُدَّ فِيمَا يُضَافُ إلَيْهِ مِنْ صِفَةِ التَّعَدِّي، وَلَا تَعَدِّيَ فِي السَّبَبِ أَعْنِي الْمَشْيَ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ مَحْضٌ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَاشِي أَيْضًا مُتَعَدِّيًا كَمَا إذَا كَانَ الْحَفْرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَسَقَطَ الْمَاشِي بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَكُنْ الضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ، وَلَا رِوَايَةَ فِي ذَلِكَ بَلْ الرِّوَايَةُ مُطْلَقَةٌ فِي ضَمَانِ الْحَافِرِ الْمُتَعَدِّي. لَا يُقَالُ: مُرَادُهُ أَنَّ الْمَشْيَ مُبَاحٌ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ حَرُمَ بِالْغَيْرِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا إذَا كَانَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَفْرُ أَيْضًا كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْيِيدَ الْمَشْيِ بِالْإِبَاحَةِ احْتِرَازٌ عَنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَفِي بَعْضِ الْوُجُوهِ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ عِنْدَ تَعَدِّي الْمَشْيِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْقَعَ نَفْسَهُ) فِي بِئْرِ الْعُدْوَانِ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ عِلَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ صَالِحَةٌ لِلْإِضَافَةِ، فَلَا يُضَافُ إلَى الشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَضْعُ الْحَجَرِ) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ طُرُقٌ مُفْضِيَةٌ إلَى التَّلَفِ فَتَكُونُ أَسْبَابًا لَهَا حُكْمُ الْعِلَلِ بِخِلَافِ الْحَفْرِ، فَإِنَّهُ إزَالَةٌ لِلْمَانِعِ أَعْنِي إمْسَاكَ الْأَرْضِ فَيَكُونُ شَرْطًا وَهَاهُنَا نَظَرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلسَّبَبِيَّةِ إلَّا الْإِفْضَاءُ إلَى الْحُكْمِ وَالتَّأَدِّي إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ، وَهَذَا حَاصِلٌ فِي الْحَفْرِ وَحَلِّ الْقَيْدِ وَفَتْحِ الْبَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الشَّرْطُ الَّذِي فِي حُكْمِ السَّبَبِ شَرْطٌ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ أَيْ حَصَلَ بَعْدَ حُصُولِهِ فِعْلُ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ غَيْرِ مَنْسُوبٍ ذَلِكَ الْفِعْلُ إلَى الشَّرْطِ فَخَرَجَ الشَّرْطُ الْمَحْضُ. مِثْلُ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ