للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِلَّةِ بِخِلَافِ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ مُتَقَدِّمٌ فَالْإِحْصَانُ هُوَ الشَّرْطُ الَّذِي يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْعِلَّةِ وَيُسَمَّى هَذَا الشَّرْطُ عَلَامَةً، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَيْهِ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْعِلَّةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْعِلَّةَ وَهِيَ الزِّنَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَلَمَّا كَانَ لِي نَظَرٌ فِي كَوْنِ الْإِحْصَانِ عَلَامَةً لَا شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ قُلْت: (ثُمَّ إنْ كَانَ الْإِحْصَانُ عَلَامَةً لَا شَرْطًا) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ عَلَامَةً لَا شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ (يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ. فَإِنْ قِيلَ: فَيَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ أَيْضًا بِشَهَادَةِ كَافِرَيْنِ شَهِدَا عَلَى عَبْدٍ مُسْلِمٍ زَنَى وَمَوْلَاهُ كَافِرٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ)

أَيْ لَمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِحْصَانَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ الزِّنَا لَا يُثْبِتُ الْإِحْصَانَ بِشَهَادَةِ الْكَافِرَيْنِ أَيْضًا إذَا شَهِدَا عَلَى

ــ

[التلويح]

الشَّرْطَ الَّذِي فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ قَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى صُورَةِ الْعِلَّةِ كَمَا إذَا كَانَ وِلَادَةُ مَنْ سَقَطَ فِي الْبِئْرِ بَعْدَ حَفْرِ الْبِئْرِ، فَإِنَّ ثِقْلَهُ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ قَدْ حَصَلَ بَعْدَ الشَّرْطِ أَعْنِي إزَالَةَ الْإِمْسَاكِ عَنْ الْأَرْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ لِي نَظَرٌ فِي كَوْنِ الْإِحْصَانِ عَلَامَةً لَا شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَوْنُهُ عَلَامَةً، وَإِنْ صَلَحَ مَحَلًّا لِلنَّظَرِ إلَّا أَنَّهُ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ.

إذْ الشَّرْطُ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ عِلَّةٌ صَالِحَةٌ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا كَالزِّنَا هَاهُنَا مَعَ أَنَّ الْإِحْصَانَ عِبَارَةٌ عَنْ خِصَالٍ حَمِيدَةٍ بَعْضُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَبَعْضُهَا مَأْمُورٌ بِهِ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ الْمَحْضَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قِيلَ:) مَبْنَى هَذَا السُّؤَالِ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَسْرَارِ وَهِيَ أَنَّ عِتْقَ هَذَا الْعَبْدِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا حُجَّةً عَلَى هَذَا الْعِتْقِ لَوْلَا الزِّنَا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الْإِعْتَاقِ قَبْلَ: الزِّنَا يَسْتَلْزِمُ إيجَابَ الرَّجْمِ عَلَى الْمُسْلِمِ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْإِحْصَانِ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْعِتْقُ تَضَرُّرًا عَلَى الْمَوْلَى الْكَافِرِ، وَلَا يَثْبُتُ سَبْقُ تَارِيخِ الْإِعْتَاقِ عَلَى الزِّنَا فِيهِ مِنْ تَضَرُّرِ الْمُسْلِمِ بِوُجُوبِ الرَّجْمِ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا تَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ الْعِتْقِ وَتَقَدُّمَهُ عَلَى الزِّنَا وَضَرَرُ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ إلَى الْكَافِرِ فَتُقْبَلُ وَالثَّانِي إلَى الْمُسْلِمِ، فَلَا تُقْبَلُ.

(قَوْلُهُ: وَهُنَا لَا يُثْبِتُهَا) أَيْ فِي صُورَةِ ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ لَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ الْعُقُوبَةُ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ عَلَامَةٌ لَا عِلَّةٌ، أَوْ سَبَبٌ، أَوْ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِيَكُونَ إثْبَاتُهُ إثْبَاتَ الْعُقُوبَةِ.

قَوْلُهُ: " وَهُوَ " يَصْلُحُ الضَّمِيرُ لِلشَّهَادَةِ تَذْكِيرُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَصْدَرَ فِي مَعْنَى أَنْ مَعَ الْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا ذُكِرَ) أَيْ إضْرَارُ الْمُسْلِمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكْذِيبُهُ فِي ادِّعَائِهِ الرِّقَّ وَدَفْعُ إنْكَارِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرَّجْمَ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ امْتِنَاعَ قَبُولِ شَهَادَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>