للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدٍ مُسْلِمٍ زَنَى بِأَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَالْحَالُ أَنَّ مَوْلَاهُ كَافِرٌ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَوْلَى الْكَافِرِ فَتُقْبَلُ فَيَثْبُتُ عِتْقُهُ وَالْحُرِّيَّةُ مِنْ شَرَائِطِ الْإِحْصَانِ فَيَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ.

(قُلْنَا لِشَهَادَةِ النِّسَاءِ خُصُوصٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ دُونَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ فَإِنَّ الْعُقُوبَاتِ لَا تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ (فَإِنَّهَا لَا تُثْبِتُ الْعُقُوبَةَ وَهُنَا لَا تُثْبِتُهَا؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَيْسَ إلَّا عَلَامَةً لَكِنْ يَتَضَمَّنُ ضَرَرًا بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) ، وَهُوَ تَكْذِيبُهُ وَرَفْعُ إنْكَارِهِ بِمَنْزِلَةِ الْكَافِرِ (وَهِيَ تَصْلُحُ لِذَلِكَ) أَيْ شَهَادَةُ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ تَصْلُحُ لِلضَّرَرِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُسْلِمُ. (وَشَهَادَةُ الْكُفَّارِ بِالْعَكْسِ) فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَهِيَ تَتَضَمَّنُ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِ أَيْ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَتَضَمَّنُ ضَرَرًا بِالْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْعَبْدُ الَّذِي أَثْبَتُوا حُرِّيَّتَهُ لِيَثْبُتَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ (فَلَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ) أَيْ لَا تَصْلُحُ شَهَادَةُ الْكُفَّارِ لِلْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِ، وَهُوَ مَا ذُكِرَ

ــ

[التلويح]

النِّسَاءِ لِخُصُوصِيَّةٍ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ، وَهُوَ الْحَدُّ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ فِي الْإِحْصَانِ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ لَا مُوجِبٌ وَامْتِنَاعُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ لِخُصُوصِيَّةٍ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُسْلِمًا، فَلَا يُقْبَلُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِتَضَرُّرِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، فَإِنَّ الرِّقَّ مَعَ الْحَيَاةِ خَيْرٌ مِنْ الْعِتْقِ مَعَ الرَّجْمِ.

(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ) شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِي حَقِّنَا لَيْسَتْ بِعَلَامَةٍ بَلْ بِمَنْزِلَةِ الْعِلَّةِ الْمُثْبِتَةِ لِلنَّسَبِ ضَرُورَةَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ ثُبُوتَ النَّسَبِ إلَّا بِهَا فَيُشْتَرَطُ لِإِثْبَاتِهَا كَمَالُ الْحُجَّةِ رَجُلًا، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الْفِرَاشُ الْقَائِمُ، أَوْ الْحَبَلُ الظَّاهِرُ، أَوْ إقْرَارُ الزَّوْجِ بِالْحَبَلِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ يُسْتَدَلُّ إلَيْهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ فَتَكُونُ الْوِلَادَةُ عَلَامَةَ مَعْرِفَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَلَّقَ بِالْوِلَادَةِ طَلَاقَ) يَعْنِي فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَبَلُ ظَاهِرًا، وَلَا الزَّوْجُ مُقِرًّا بِهِ إذْ لَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهَا بِالْوِلَادَةِ كَمَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَيْضِ وَوَجْهُ إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا أَنَّ الْوِلَادَةَ عَلَامَةٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ، وَإِنْ جُعِلَتْ شَرْطًا تَعْلِيقًا فَيُعْتَبَرُ عِنْدَهُمَا جَانِبُ كَوْنِهِ عَلَامَةً حَتَّى يَثْبُتَ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ فَيَثْبُتَ مَا يَتْبَعُهَا مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، وَعِنْدَهُ يُعْتَبَرُ جَانِبُ الشَّرْطِيَّةِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي ثُبُوتِ الْوِلَادَةِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا لَا فِي حَقِّ وُقُوعِ الطَّلَاقِ كَمَا أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي ثُبُوتِ ثِيَابَةِ الْأَمَةِ فِي نَفْسِهَا لَا فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهَا ثَيِّبٌ وَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ بِذَلِكَ.

وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ لِلْوِلَادَةِ أَصْلًا وَوَصْفًا، وَهُوَ كَوْنُهَا شَرْطًا وَالثَّابِتُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدَةِ هُوَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي، وَأَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ، فَإِنَّمَا يَكُونُ بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ وَبِالْوِلَادَةِ يَظْهَرُ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ ثَابِتًا بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ وَقْتَ الْعُلُوقِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجَلْدِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الْجَلْدَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ قَدْ رُتِّبَا عَلَى الرَّمْيِ وَالْعَجْزِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>