للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَوْلِهِ نَاقِصًا أَيْ: وَأَمَّا كَوْنُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ زَائِدَةً. (كَالْفَاكِهَةِ لَا تَقَعُ عَلَى الْعِنَبِ فَفِي غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُوجِبُ لِقَصْرِ الْعَامِّ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ (وَهُوَ) أَيْ: الْعَامُّ (حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي)

؛ لِأَنَّ الْوَاضِعَ وَضَعَ اللَّفْظَ الَّذِي اسْتَثْنَى مِنْهُ لِلْبَاقِي. (وَهُوَ) أَيْ: الْعَامُّ. (حُجَّةٌ بِلَا شُبْهَةٍ فِيهِ) أَيْ: فِي الْبَاقِي، وَهَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مَعْلُومًا.

أَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَلَا (وَفِي الْمُسْتَقْبَلِ كَلَامًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ الْقَاصِرُ مُسْتَقِلًّا وَيُسَمَّى هَذَا تَخْصِيصًا سَوَاءٌ كَانَ

ــ

[التلويح]

فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ رَقَبَةً لَا يَدًا حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى اسْتِكْسَابَهُ وَلَا وَطْءَ الْمُكَاتَبَةِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ تَتَأَدَّى الْكَفَّارَةُ بِالْمُكَاتَبِ دُونَ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ قُلْنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الرِّقِّ وَهُوَ فِي الْمُكَاتَبِ كَامِلٌ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالْكِتَابَةُ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ وَاشْتِرَاطُ الْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ مَا يَصِحُّ بِهِ التَّحْرِيرُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ الرِّقَّ فِيهِمَا نَاقِصٌ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الْعِتْقِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً، وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْعِنَبِ وَالرُّطَبِ وَالرُّمَّانِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ فَاكِهَةً لُغَةً وَعُرْفًا إلَّا أَنَّ فِيهِ مَعْنًى زَائِدًا عَلَى التَّفَكُّهِ أَيْ: التَّلَذُّذِ وَالتَّنَعُّمِ وَهُوَ الْغِذَائِيَّةُ وَقِوَامُ الْبَدَنِ بِهِ فَبِهَذِهِ الزِّيَادَةِ يُخَصُّ عَنْ مُطْلَقِ الْفَاكِهَةِ.

(قَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ) اخْتَلَفُوا فِي الْعَامِّ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ الْبَعْضُ، هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي أَمْ مَجَازٌ؟ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ، وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ حَقِيقَةٌ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ الْبَاقِي غَيْرَ مُنْحَصِرٍ أَيْ: لَهُ كَثْرَةٌ يَعْسُرُ الْعِلْمُ بِقَدْرِهَا وَإِلَّا فَمَجَازٌ، وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ مِنْ شَرْطٍ، أَوْ صِفَةٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ، أَوْ غَايَةٍ، وَمَجَازٌ إنْ كَانَ بِمُسْتَقِلٍّ مِنْ عَقْلٍ، أَوْ سَمْعٍ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ لَا صِفَةٍ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ لَا اسْتِثْنَاءٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ حَقِيقَةٌ إنْ كَانَ بِدَلِيلٍ لَفْظِيٍّ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: حَقِيقَةٌ فِي تَنَاوُلِهِ، مَجَازٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ إخْرَاجَ الْبَعْضِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ فَصِيغَةُ الْعَامِّ حَقِيقَةٌ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ بِمُسْتَقِلٍّ فَهِيَ فِي الْبَاقِي مَجَازٌ مِنْ حَيْثُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ مِنْ حَيْثُ التَّنَاوُلُ لَهُ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ الْبَعْضُ بِاسْتِثْنَاءٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ غَايَةٍ مَوْضُوعٌ لِلْبَاقِي مَثَلًا إذَا قَالَ عَبِيدُهُ أَحْرَارٌ إلَّا سَالِمًا فَالْعَبِيدُ الْمُخْرَجُ مِنْهُمْ سَالِمٌ مَوْضُوعٌ لِلْبَاقِي، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْوَضْعَ الشَّخْصِيَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَضَعَ هَذَا اللَّفْظَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلِلْبَاقِي عِنْدَ اقْتِرَابِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَإِلَّا لَكَانَ مُشْتَرَكًا وَسَيَجِيءُ فِي فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُتَنَاوِلٌ لِلْمَجْمُوعِ، وَإِنَّمَا الِاسْتِثْنَاءُ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَضْعَ النَّوْعِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>