يَسْقُطُ بِهِ إلَّا فِي حَقِّ الْإِثْمِ وَمَا شُرِعَ عَلَيْهِ لِحَاجَةِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْعَيْنِ يَبْقَى بِبَقَائِهَا كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ: الْعَيْنَ (هِيَ الْمَقْصُودَةُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَا يَبْقَى بِمُجَرَّدِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنْ يُضَمَّ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الذِّمَّةِ (مَالٌ أَوْ كَفِيلٌ فَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ عَنْ مَيِّتٍ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: الْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبْقَى عَنْهُ مَالٌ أَوْ كَفِيلٌ (وَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ مُضَافًا إلَى سَبَبٍ صَحَّ فِي حَيَاتِهِ كَمَا إذَا حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا حَيَوَانٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَمَّا مَا شُرِعَ صِلَةً كَنَفَقَةِ الْمَحَارِمِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ، فَيَصِحَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا مَا شُرِعَ لَهُ لِحَاجَتِهِ فَتَبْقَى مَا تَنْقَضِي بِهِ الْحَاجَةُ فَتَبْقَى التَّرِكَةُ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ مِنْهَا حُقُوقُهُ، وَلِهَذَا تَبْقَى الْكِتَابَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى لِحَاجَتِهِ إلَى الثَّوَابِ، وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ عَنْ وَفَاءٍ لِحَاجَتِهِ إلَى انْقِطَاعِ أَثَرِ الْكُفْرِ، وَإِلَى
ــ
[التلويح]
صَاحِبُ الْحَقِّ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِحَاجَتِهِ) أَيْ: لِحَاجَةِ الْمَوْلَى إلَى الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ الَّتِي هِيَ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ حَاصِلَةٌ فِي عَوْدِ الْمُكَاتَبِ إلَى الرِّقِّ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ حَاجَةَ الْمُكَاتَبِ فَوْقَ حَاجَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى صَيْرُورَتِهِ مُعْتَقًا مُنْقَطِعًا عَنْهُ أَثَرُ الْكُفْرِ بَاقِيًا عَلَيْهِ أَثَرُ الْحَيَاةِ لِحُرِّيَّةِ أَوْلَادِهِ إذْ الرِّقُّ أَثَرُ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ فَتَبْقَى الْكِتَابَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ كَمَا تَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى بَلْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَمْلُوكِيَّةُ فَتَابِعَةٌ) يَعْنِي: أَنَّ مَمْلُوكِيَّةَ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ حُكِمَ بِبَقَائِهَا فِي الْمُكَاتَبِ ضِمْنًا، وَتَبَعًا لِبَقَاءِ الْمَالِكِيَّةِ يَدًا ضَرُورَةَ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ بِدُونِ بَقَاءِ الْمَمْلُوكِيَّةِ رَقَبَةً إذْ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، وَهَاهُنَا بَحْثٌ، وَهُوَ أَنَّ حُرِّيَّةَ الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى زَمَانٍ فَإِنْ حُكِمَ بِبَقَاءِ الْكِتَابَةِ، وَالْمَمْلُوكِيَّة بَعْدَ الْمَوْتِ لَزِمَ اسْتِنَادُ الْعِتْقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ، وَإِنْ جَعَلَ الْحُرِّيَّةَ مُسْتَنِدَةً إلَى آخِرِ أَجْزَاءِ الْحَيَاةِ عَلَى مَا قِيلَ أَنَّ بِالْمَوْتِ يَتَحَوَّلُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِنْ الذِّمَّةِ إلَى التَّرِكَةِ، فَيَحْصُلُ فَرَاغُ ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا مَا لَمْ يَصِلْ الْمَالُ إلَى الْمَوْلَى، فَإِذَا وَصَلَ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَقَدْ اسْتَنَدَتْ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْمَمْلُوكِيَّة، وَتَقَرَّرَ الْعِتْقُ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فَلَا تَكُونُ الْمَمْلُوكِيَّةُ بَاقِيَةً بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْكِتَابَةِ بَاقِيًا، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى بَقَاءِ الْكِتَابَةِ حُرِّيَّةُ الْأَوْلَادِ، وَسَلَامَةُ الِاكْتِسَابِ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْوَرَثَةِ الْمَالَ إلَى الْمَوْلَى، وَنُفُوذُ الْعِتْقِ فِي الْمُكَاتَبِ شَرْطٌ لِذَلِكَ، فَيَثْبُتُ ضِمْنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ قَابِلًا كَالْمِلْكِ فِي الْمَغْصُوبِ لَمَّا ثَبَتَ شَرْطًا لِمِلْكِ الْبَدَلِ ثَبَتَ عِنْدَ أَدَاءِ الْبَدَلِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ، وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حَالَ أَدَاءِ الْبَدَلِ هَالِكًا.
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْإِرْثُ) أَيْ: وَلِأَنَّهُ بِبَقَاءِ مَا تَنْقَضِي بِهِ حَاجَةُ الْمَيِّتِ يَثْبُتُ الْإِرْثُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ عَنْهُ نَظَرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَخْلُفُهُ فِي أَمْوَالِهِ فَفَوَّضَ الشَّرْعُ ذَلِكَ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ نَظَرًا لَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ انْتِفَاعَ أَقَارِبِهِ بِأَمْوَالِهِ بِمَنْزِلَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute