حُرْمَةُ الرِّبَا مَذْكُورَةٌ فِي التَّوْرَاةِ فَارْتِكَابُهُمْ ذَلِكَ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْفِسْقِ وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي كُتُبِ الْمَجُوسِ وَلَا يُمْكِنُ لَنَا إلْزَامُهُمْ بِمَا فِي كُتُبِنَا فَافْتَرَقَا (فَإِنْ قِيلَ دِيَانَتُهُمْ لَيْسَتْ حُجَّةً مُتَعَدِّيَةً إجْمَاعًا فَلَا تُوجِبُ ضَمَانَ الْخَمْرِ وَحَدَّ الْقَذْفِ، وَالنَّفَقَةَ كَمَا فِي مَجُوسِيٍّ غَلَبَ بِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَا تَرِثُ بِالزَّوْجِيَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَقِيسِ عَدَمُ وُجُوبِ الضَّمَانِ وَعَدَمُ وُجُوبِ حَدِّ الْقَذْفِ وَعَدَمُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْحُكْمَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ عَدَمُ الْإِرْثِ فَالْحُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لَكِنَّهُمَا مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ حُكْمٍ وَاحِدٍ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ لَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ دِيَانَتَهُمْ غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ (قُلْنَا يَثْبُتُ بِدِيَانَتِهِمْ بَقَاءُ تَقَوُّمِ الْخَمْرِ عَلَى مَا كَانَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا دَفْعُ دَلِيلِ الشَّرْعِ ثُمَّ هُوَ) أَيْ: التَّقَوُّمُ (شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا عِلَّتُهُ، وَكَذَا الْإِحْصَانُ) أَيْ: إحْصَانُ الْمَقْذُوفِ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ (فَلَا يَكُونُ فِي إثْبَاتِهِمَا) أَيْ: فِي إثْبَاتِ التَّقَوُّمِ، وَالْإِحْصَانِ (إثْبَاتُ الضَّمَانِ وَالْحَدِّ) بَلْ الضَّمَانُ وَالْحَدُّ إنَّمَا يَثْبُتَانِ بِإِتْلَافِ الْخَمْرِ، وَبِالْقَذْفِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِتَعَدِّي دِيَّاتِهِمْ لَوْ أَثْبَتْنَا الضَّمَانَ وَالْحَدَّ بِاعْتِقَادِهِمْ التَّقَوُّمَ، وَالْإِحْصَانَ وَلَمْ نَفْعَلْ كَذَلِكَ (وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ دَفْعُهَا لِلْهَلَاكِ فَتَكُونُ دَافِعَةً لَا مُتَعَدِّيَةً، وَلِأَنَّهُمَا لَمَّا تَنَاكَحَا دَانَا بِصِحَّتِهِ
ــ
[التلويح]
حَقِّ الْأَثَامِ بِمَنْزِلَةِ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَ الْمَنَعَةِ، وَانْقِطَاعَ وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ إلَى التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْجِهَادِ الصَّحِيحِ فِي حَقِّ التَّوْرِيثِ كَمَا فِي حَقِّ الضَّمَانِ، وَهَذَا إذَا قَالَ الْوَارِثُ كُنْت عَلَى الْحَقِّ، وَأَنَا الْآنَ عَلَى الْحَقِّ، وَإِلَّا فَيُحْرَمُ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الدَّارُ وَاحِدَةً) يَعْنِي: أَنَّ تَمَلُّكَ الْمَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِيلَاءِ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَمَالِ اخْتِلَافِ الدَّارِ، وَوُجُوبِ الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ يُنْبِئُ عَنْ كَمَالِ الْعِصْمَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الدَّارِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَنَحْنُ لَا نَمْلِكُ مَالَ الْبَاغِي حَتَّى إذَا انْكَسَرَتْ شَوْكَةُ الْبُغَاةِ نَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ لِاتِّحَادِ الدَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَكِنْ لَا تَضْمَنُ أَمْوَالَهُمْ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّيَانَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَنَعَةِ يُوجِبُ شُبْهَةَ اخْتِلَافِ الدَّارِ فَيُوجِبُ سُقُوطَ الْعِصْمَةِ مِنْ وَجْهٍ فَلَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَبِوُجُوبِ الضَّمَانِ جَعَلْنَا الْعِصْمَةَ مِنْ وَجْهٍ بِمَنْزِلَةِ الْعِصْمَةِ الْكَامِلَةِ، وَلَوْ قُلْنَا بِالْمِلْكِ، وَعَدَمِ الضَّمَانِ جَعَلْنَا اتِّحَادَ الدَّارِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِهَا، وَلَوْ قُلْنَا بِالْمِلْكِ، وَالضَّمَانِ كَانَ مُتَنَاقِضًا؛ لِأَنَّ إثْبَاتَ الْمِلْكِ مَعْنَاهُ عَدَمُ الضَّمَانِ فَتَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْمِلْكِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ كَمَا فِي غَصْبِ غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ فَإِنْ قِيلَ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الْمِلْكِ، وَضَمَانِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ قُلْنَا لَوْ مَلَكَهُ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ الْعَيِّنَةَ، وَالْمِلْكُ بِالضَّمَانِ إنَّمَا يَصِحُّ اسْتِنَادًا لَا ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ:، وَكَجَهْلِ مَنْ خَالَفَ فِي اجْتِهَادِهِ الْكِتَابَ) يُرِيدُ أَنَّ الْجَهْلَ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسِ الدِّينِ، وَأُصُولِهِ، وَهُوَ الْغَايَةُ أَوْ لَا، وَهُوَ دُونَهُ، وَذَلِكَ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أُصُولِ الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ أَوْ فِي فُرُوعِهِ، وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ، وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَيَصْلُحُ عُذْرًا أَوْ لِلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute