للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ} [التوبة: ٦] . (أَوْ مَجْهُولًا كَالرِّبَا) حَيْثُ خُصَّ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] (لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَجْهُولًا صَارَ الْبَاقِي مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ كَالِاسْتِثْنَاءِ إذْ هُوَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ) أَيْ: التَّخْصِيصُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَخْصُوصَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَامِّ كَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَدْخُلْ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ إنْ كَانَ مَجْهُولًا يَكُونُ الْبَاقِي فِي صَدْرِ الْكَلَامِ مَجْهُولًا وَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْحُكْمُ. (وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ) وَالْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ التَّعْلِيلُ. (وَلَا يُدْرَى كَمْ يَخْرُجُ بِالتَّعْلِيلِ فَيَبْقَى الْبَاقِي مَجْهُولًا، وَعِنْدَ الْبَعْضِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا بَقِيَ الْعَامُّ فِيمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ كَالِاسْتِثْنَاءِ) فِي أَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ (فَلَا يُقْبَلُ التَّعْلِيلُ) إذْ الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، وَفِي صُورَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْعَامِّ حُجَّةٌ فِي الْبَاقِي

ــ

[التلويح]

إنَّمَا وُضِعَ الرِّجَالُ اخْتِصَارًا لِذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّ فِي تَكْرِيرِ الْآحَادِ إذَا بَطَلَ إرَادَةُ الْبَعْضِ لَمْ يَصِرْ الْبَاقِي مَجَازًا فَكَذَا هَاهُنَا وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ كَتَكْرِيرِ الْآحَادِ، بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِلْكُلِّ فَبِإِخْرَاجِ الْبَعْضِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا بِخِلَافِ الْمُتَكَرِّرِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَوْضُوعٌ لِمَعْنَاهُ فَبِإِخْرَاجِ الْبَعْضِ لَا يَصِيرُ الْبَاقِي مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ، وَمَقْصُودُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ بَيَانُ الْحِكْمَةِ فِي وَضْعِهِ لَا أَنَّهُ مِثْلُ الْمُتَكَرِّرِ بِعَيْنِهِ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ حَقِيقَةَ صِيغَةِ الْعُمُومِ لِلْكُلِّ وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ حَقِيقَةٌ فِيمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ كُلٌّ لَا بَعْضٌ كَالِاسْتِثْنَاءِ يُصَيِّرُ الْكَلَامَ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى بِطَرِيقِ أَنَّهُ كُلٌّ لَا بَعْضٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ الثُّلُثِ فَهُوَ كُلٌّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ أَيْضًا بِصِيغَةِ الْعُمُومِ نَظَرًا إلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ فَلَوْ قَالَ: مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَلَا مَمْلُوكَ لَهُ سِوَاهُمَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضًا إذَا كَانَ سِوَاهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ إلَّا مَمَالِيكِي.

١ -

(قَوْلُهُ أَيْ: لَفْظُ الْعَامِّ مَجَازٌ) كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ أَيْ: لَفْظُ الْعَامِّ بِالْوَصْفِ دُونَ الْإِضَافَةِ، إذْ الْكَلَامُ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ لَا فِي لَفْظِ الْعَامِّ عَلَى مَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ مَنْ قَالَ إنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ، فَإِنْ اُشْتُرِطَ كَانَ إطْلَاقُ لَفْظِ الْعَامِّ عَلَى مَا أُخْرِجَ مِنْهُ الْبَعْضُ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَامٌّ لَوْلَا الْإِخْرَاجُ، وَإِنْ اكْتَفَى بِانْتِظَامِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ حَتَّى يَنْتَهِيَ التَّخْصِيصُ إلَى مَا دُونَ الثَّلَاثِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ حُجَّةٌ) تَقْرِيرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْعَامَّ الْمَقْصُورَ عَلَى الْبَعْضِ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُورًا عَلَى الْبَعْضِ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ أَوْ بِمُسْتَقِلٍّ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمُخَصِّصُ الْمُخْرِجُ مَعْلُومًا فَهُوَ حُجَّةٌ بِلَا شُبْهَةٍ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقَصْرِ عَلَى الْبَعْضِ لِعَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>