للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا كَانَ فَكَذَا التَّخْصِيصُ.

(وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَا يَبْقَى الْعَامُّ حُجَّةً لِمَا قُلْنَا) إنَّ التَّخْصِيصَ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَجْهُولُ يَجْعَلُ الْبَاقِيَ مَجْهُولًا فَلَا يَبْقَى الْعَامُّ حُجَّةً فِي الْبَاقِي.

(وَعِنْدَ الْبَعْضِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا فَكَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا) إنَّ الْعَامَّ يَبْقَى فِيمَا وَرَاءَ الْمَخْصُوصِ كَمَا كَانَ. (وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا يَسْقُطُ الْمُخَصِّصُ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ) وَلَمَّا كَانَ الْمُخَصِّصُ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا وَكَانَ مَعْنَاهُ مَجْهُولًا يَسْقُطُ هُوَ بِنَفْسِهِ وَلَا تَتَعَدَّى جَهَالَتُهُ إلَى صَدْرِ الْكَلَامِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِصَدْرِ الْكَلَامِ فَجَهَالَتُهُ تَتَعَدَّى إلَى صَدْرِ الْكَلَامِ.

(وَعِنْدَنَا تُمْكِنُ فِيهِ شُبْهَةٌ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَحْمُولٍ عَلَى ظَاهِرِهِ) وَهُوَ إرَادَةُ الْكُلِّ فَعُلِمَ أَنَّ

ــ

[التلويح]

مُورِثِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا جَهَالَةُ الْمُخْرَجِ أَوْ احْتِمَالُهُ التَّعْلِيلَ، وَغَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيلَ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَمَا إذَا قَالَ عَبِيدُهُ أَحْرَارٌ إلَّا بَعْضًا أَوْرَثَ ذَلِكَ جَهَالَةً فِي الْبَاقِي فَلَمْ تَصْلُحْ حُجَّةً إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْمُرَادُ وَعَلَى الثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَصِّصُ عَقْلًا أَوْ كَلَامًا أَوْ غَيْرَهُمَا.

فَإِنْ كَانَ الْمُخَصِّصُ هُوَ الْعَقْلُ كَانَ الْعَامُّ قَطْعِيًّا فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ مُورِثِ الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ إخْرَاجَهُ فَهُوَ مُخْرَجٌ وَغَيْرُهُ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ قَدْ يَقْتَضِي إخْرَاجَ بَعْضٍ مَجْهُولٍ بِأَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مِمَّا يَمْتَنِعُ عَلَى الْكُلِّ دُونَ الْبَعْضِ، مِثْلُ الرِّجَالُ فِي الدَّارِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُفْصَلَ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَيُجْعَلَ قَطْعِيًّا إذَا كَانَ الْمَخْصُوصُ مَعْلُومًا كَمَا فِي الْخِطَابَاتِ الَّتِي خُصَّ مِنْهَا الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا يُقَالُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَطْعِيَّتُهَا بِوَاسِطَةِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ قَطْعِيًّا قَبْلَ أَنْ يَتَحَقَّقَ الِاجْتِهَادُ وَالْإِجْمَاعُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخَصِّصُ غَيْرَ الْعَقْلِ وَالْكَلَامِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى قَطْعِيًّا لِاخْتِلَافِ الْعَادَاتِ، وَخَفَاءِ الزِّيَادَةِ، وَالنُّقْصَانِ وَعَدَمِ اطِّلَاعِ الْحِسِّ عَلَى تَفَاصِيلِ الْأَشْيَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ الْقَدْرُ الْمَخْصُوصُ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ الْمُخَصِّصُ هُوَ الْكَلَامُ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ لَا يَبْقَى حُجَّةً أَصْلًا، وَعِنْدَ الْبَعْضِ إنْ كَانَ الْمَخْصُوصُ مَعْلُومًا فَالْعَامُّ قَطْعِيٌّ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا يَسْقُطُ الْمُخَصِّصُ، وَيَبْقَى الْعَامُّ عَلَى مَا كَانَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ دَلِيلٌ تَمَكَّنَ فِيهِ الشُّبْهَةُ مَعْلُومًا كَانَ الْمُخَصِّصُ أَوْ مَجْهُولًا وَالتَّمَسُّكَاتُ مَشْرُوحَةٌ فِي الْكِتَابِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا يَسْقُطُ الْمُخَصِّصُ) وَيَبْقَى الْعَامُّ حُجَّةً فِيمَا تَنَاوَلَهُ كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا فَلَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِلدَّلِيلِ فَيَبْقَى حُكْمُ الْعَامِّ عَلَى مَا كَانَ وَلَا يَتَعَدَّى جَهَالَةُ الْمُخَصِّصِ إلَيْهِ لِكَوْنِ الْمُخَصِّصِ مُسْتَقِلًّا بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَصْفٍ قَائِمٍ بِصَدْرِ الْكَلَامِ لَا يُفِيدُ بِدُونِهِ شَيْئًا حَتَّى إنَّ مَجْمُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَصَدْرَ الْكَلَامِ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ وَاحِدٍ، فَجَهَالَتُهُ تُوجِبُ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَيَصِيرُ مَجْهُولًا مُجْمَلًا مُتَوَقِّفًا عَلَى الْبَيَانِ.

(قَوْلُهُ: وَعِنْدَنَا تَمَكَّنَ فِيهِ شُبْهَةٌ) أَيْ: الْعَامِّ الَّذِي خُصَّ مِنْهُ الْبَعْضُ دَلِيلٌ فِيهِ شُبْهَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>