للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: ((ونقِّ قلبي من الخطايا كما نقّيت الثوب الأبيض من الدنس)): أي نظِّف قلبي من الذنوب، كما يُنظّف الثوب الأبيض من الوسخ؛ لأن زوال الوسخ في الثوب الأبيض أظهر بخلاف سائر الألوان، والقصد من هذا التشبيه أن ينظّف قلبه من كلّ الذنوب كنظافة الثوب الأبيض المنظَّف من الوسخ، فلا يبقى فيه أثر، ولا يخفي في بداية الدعاء بسؤال اللَّه تعالى أن يغسل قلبه، ثمّ كرّر بسؤال تنقية القلب أهمية هذه المضغة، فإنها موقع نظر الرب جلّ وعلا، وبصلاحها صلاح الجسد كله، وبفسادها فساد للبدن كله.

قوله: ((وباعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب)): أي باعد بيني وبين خطاياي من محو ما حصل من الخطايا السابقة، وترك المؤاخذة عليها، والوقاية والعصمة من الوقوع فيها مستقبلاً، وعبّر بصيغة المفاعلة ((باعد)) مبالغة في البعد

بينه وبين خطاياه، وشبّه ذلك ببعد المشرق والمغرب، أو لأن التقاء المشرق والمغرب مستحيل، فكأنَّه أراد ألا يبقى لها منه اقتراب بالكلية (١).

قوله: ((اللَّهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم)).

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكثر من الاستعاذة من الإثم والمعاصي والذنوب، وما يوجبها من الأقوال والأفعال والأخلاق، فعن عروة أَنَّ عَائِشَةَ


(١) الفتوحات الربانية لابن علان، ١/ ٤٣٧، وفيض القدير، ٢/ ١٢٧.

<<  <   >  >>