للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ) فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَغْرَمِ؟ قَالَ: ((إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ)) (١)، وكذلك كان يكثر - صلى الله عليه وسلم - الاستعاذة من الدين، وهو إما الاستدانة فيما يكرهه اللَّه، أو فيما يجوز، ثم عجز عن أدائه، أما الدَّيْن الذي احتاج إليه وهو قادر على أدائه، فلا يستعاذ منه، ويدخل في الدين ما يلزم الإنسان أداؤه بسبب جناية أو دِية أو معاملة ونحو ذلك، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من استدان وأراد أن يردّ ولم يستطع كان معه العون من اللَّه، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن اللَّه مع المدين حتى يقضى دينه)) (٢) هذا ما لم يكن فيما يكرهه اللَّه.

ويستفاد من هذا الحديث سدّ الذرائع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من الدين؛ لأنه في الغالب ذريعة إلى الكذب في الحديث، والخلف في الوعد (٣)، والانشغال عن الواجبات الشرعية، والأعمال الصالحة.

فينبغي للعبد الاحتياط لهذا الأمر، وأن لا يتساهل فيه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلِّ على صاحب الدين، حتى تكفل أبو قتادة بالسداد عنه، فصلَّى عليه، وأخبر جبريل - عليه السلام - أن الشهيد يُغفر له كلُّ ذنب إلا


(١) البخاري، كتاب الاستقراض، باب من استعاذ من الدين، برقم ٢٣٩٧، وبرقم ٦٣٦٨، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم ٥٨٩.
(٢) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، ١/ ١٤٥، والضياء في المختار، ٩/ ١٩٢، وصححه الألباني في سلسلة الحاديث الصحيحة، برقم ١٠٠٠.
(٣) انظر: فتح الباري، ٥/ ٧٦.

<<  <   >  >>