فسؤال اللَّه تعالى ((العفو)): يتضمّن سؤال اللَّه السلامة من الذنوب، وتبعاتها، ونتائجها، وآثارها.
و ((العافية)): هو طلب السلامة والوقاية من كل ما يضرُّ العبد في دينه ودنياه، من السقام والمصائب والمكاره والفتن والمحن.
وقد دلّ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله، وفعله، [على] أهمية هذه المقاصد الجليلة، فمن ذلك ما جاء عن عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس - رضي الله عنه - أنه جاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:((يارسول اللَّهِ، عَلِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّه تَعَالى، قَالَ: ((سَلُوا اللَّه العافِيةَ))، فَمكَثْتُ أَيَّاماً، ثُمَّ جِئتُ فَقُلْتُ: يا رسولَ اللَّه: علِّمْني شَيْئاً أَسْأَلُهُ اللَّهَ تعالَى، قَالَ لي:((يَا عبَّاسُ، يا عمَّ رَسولِ اللَّهِ، سَلُوا اللَّه العافيةَ في الدُّنْيا والآخِرةِ)) (١)، ففي تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمِّه
الذي هو صنو أبيه، هذا الدعاء دون غيره من الأدعية بعد تكريره له، وكذلك خطابه بأداة المناداة ((يا عباس))، ((يا عم رسول اللَّه)) التي تفيد التأكيد والتنبيه، يدل دلالة جليلة على أهمية هذه الدعوة الجليلة.
ومن الأدلة كذلك، أن رجلاً ((جاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الدُّعَاءِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((تَسْأَلُ رَبَّكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي
(١) الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا يوسف بن عيسى، برقم ٣٥١٤، مسند الإمام أحمد، ٣/ ٣٠٣، برقم ١٧٨٣، مسند البزار، ٤/ ١٣٩، والبخاري في الأدب المفرد، برقم ٧٢٦، وصححه الألباني في: صحيح الترمذي، ٣/ ١٧١، وصحيح المشكاة، برقم ٢٤٩٠، والتحقيق الثاني من سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٥٢٣.