للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ [الأماني])) (١).

والكيس هو العاقل (٢) الذي عنده ((القدرة على جودة استنباط ما هو أصلح في بلوغ الخير)) (٣)، وهذا هو اللبيب الحازم، الذي ينظر في عواقب الأمور، فينظر إلى الدنيا وقد علم أنها دار الفناء، وأن

الجنة هي دار القرار، وهذه الدار عالية، وعليَّة، درجات بعضها فوق بعض، كلما علت اتسعت، وعلت في المنزلة والمكانة، وأن الفردوس هي أعلى الجنان، فعند ذلك تعلو همّته، وتصدق عزيمته، فجعل هذه المنزلة العظيمة هي مقصده الأعظم، فشمّر في العمل في لحظته وآنه، فقوله: ((دان نفسه)): ((أي حاسبها، وأذلها، واستبعدها، وقهرها، فجعلها منقادة لأوامر اللَّه تعالى وطاعته، ((وعمل لما بعد الموت)): قبل نزوله؛ لأن الموت عاقبة أمور الدنيا، فالكيس من أبصر العاقبة، ((والعاجز من اتبع نفسه هواها)): أي الذي غلبت عليه نفسه وقهرته، فأعطاها ما تشتهيه.

((وتمنى على اللَّه الأماني)): أي أنه يتمادى بالمعصية، ويتمنى على اللَّه المغفرة، فالتمني مذموم؛ لأنه يُفضي بصاحبه إلى الكسل، بخلاف


(١) أخرجه أحمد، ٢٨/ ٣٥٠، برقم ١٧١٢٤، والترمذى (٤/ ٦٣٨، رقم ٢٤٥٩، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، برقم ٤٢٦٠، والبيهقي، في الشعب، برقم ١٠٠٦١، والطبراني في الكبير، ٧/ ٢٨١، برقم ٧١٤١، وفي الصغير له، ٢/ ١٠٧، برقم ٨٦٣، والحاكم، ١/ ٥٧، وصححه على شرط البخاري، والطيالسي، ٣/ ٤٤٥، والبزار، ٨/ ٤١٧، برقم ٣٤٨٩. وما بين المعقوفين زيادة من مسند الفردوس، برقم ٤٩٣٠،
(٢) النهاية، ص ٨٢٠.
(٣) انظر: فيض القدير، ٥/ ٦٧.

<<  <   >  >>