للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كَتِفَيْهِ ثُمَّ يُرْسِلَ أَطْرَافَهُ مِنْ جَوَانِبِهِ فَإِنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ (وَعَبَثُهُ) أَيْ لَعِبُهُ (بِهِ) أَيْ بِثَوْبِهِ (وَبِبَدَنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمَا ظَنُّك فِيهَا (وَعَقْصُ شَعْرِهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ عَلَى هَامَتِهِ وَيَشُدَّهُ بِخَيْطٍ أَوْ صَمْغٍ لِيَتَلَبَّدَ (وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا (وَالْتِفَاتُهُ) بِأَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا لِحَاجَةٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا فَلَوْ نَظَرَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ وَأَوْ يَلْوِيَ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ، وَلَوْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ (وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا (وَإِقْعَاؤُهُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ رُكْبَتَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ إقْعَاءَ الْكَلْبِ (وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَيْضًا (وَتَرَبُّعُهُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ (بِلَا عُذْرٍ) فَلَوْ كَانَ بِعُذْرٍ لَمْ يُكْرَهْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ وَعَبَثُهُ أَيْ لَعِبُهُ) أَقُولُ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ الْعَبَثُ هُوَ كُلُّ فِعْلٍ لَا لَذَّةَ فِيهِ فَأَمَّا الَّذِي فِيهِ لَذَّةٌ فَهُوَ لَعِبٌ اهـ وَفَسَّرَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَيْ الْعَبَثُ فِعْلٌ لِغَرَضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ فَلَوْ كَانَ لِغَرَضٍ كَسَلْتِ الْعَرَقِ عَنْ وَجْهٍ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَأَطْلَقَ فِي الْعَبَثِ وَالْمُرَادُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيًا لِمَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا حَكَّ جَسَدَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ يَعْنِي إذَا فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مِرَارًا وَبَيْنَ كُلِّ مَرَّتَيْنِ فُرْجَةٌ أَمَّا إذَا فَعَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَوْ نَتَفَ شَعْرَهُ مَرَّتَيْنِ لَا تَفْسُدُ وَثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَفْسُدُ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا حَكَّ جَسَدَهُ ثَلَاثًا تَفْسُدُ إذَا كَانَ بِدَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَكِّ هَلْ الذَّهَابُ وَالرُّجُوعُ مَرَّةً أَوْ الذَّهَابُ مَرَّةً وَالرُّجُوعُ مَرَّةً أُخْرَى اهـ.

وَقَالَ فِي الْفَيْضِ الْحَكُّ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فِي رُكْنٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ إنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَإِلَّا لَا تَفْسُدُ اهـ فَهُوَ مُقَيِّدٌ لِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَكَذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ تَقْيِيدٌ غَرِيبٌ وَتَفْصِيلٌ عَجِيبٌ يَنْبَغِي حِفْظُهُ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمَا ظَنُّك فِيهَا) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْهُ فِيهَا، وَقَدْ وَرَدَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ» اهـ ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةٌ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَمَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فَمَا ظَنُّك فِي الصَّلَاةِ اهـ أَرَادَ بِهِ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ.

وَفِي الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ قَوْلُهُ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَ الصَّلَاةِ حَرَامٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَبَثَ خَارِجَهَا بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَالْحَدِيثُ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَعَقْصُ شَعْرِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ) أَقُولُ وَذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ.

وَقَالَ الْعُلَمَاءُ حِكْمَةُ النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قُلْت وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّ بِرَجُلٍ سَاجِدٍ عَاقِصًا شَعْرَهُ فَحَلَّهُ حَلًّا عَنِيفًا. وَقَالَ إذَا طَوَّلَ أَحَدُكُمْ شَعْرَهُ فَلْيُرْسِلْهُ يَسْجُدْ مَعَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَ شَعْرَهُ عَلَى هَامَّتِهِ. . . إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِيهَا عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَذَكَرَ لَهُ تَفْسِيرًا غَيْرَ هَذَا وَكُلُّهُ مَكْرُوهٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ لِلنَّهْيِ الْمَذْكُورِ بِلَا صَارِفٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَمَّدَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَتِهَا فِيهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ الْعَبَثِ بِخِلَافِ الْفَرْقَعَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا لِإِرَاحَةِ الْمَفَاصِلِ فَإِنَّهَا تَنْزِيهِيَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ كَرِهَهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ بِالْحَدِيثِ اهـ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَارِجَهَا نَهْيٌ لَمْ تَكُنْ تَحْرِيمِيَّةً وَأَلْحَقَ فِي الْمُجْتَبَى الْمُنْتَظِرَ لِلصَّلَاةِ وَالْمَاشِيَ إلَيْهَا بِمَنْ فِي الصَّلَاةِ فِي كَرَاهَتِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْتِفَاتُهُ بِأَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ لَا لِحَاجَةٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ تَحْرِيمِيَّةً، وَقَدْ خَالَفَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ عَامَّةَ الْكُتُبِ فِي الِالْتِفَاتِ الْمَكْرُوهِ فَجَعَلَهُ مُفْسِدًا وَعِبَارَتُهُ، وَلَوْ حَوَّلَ الْمُصَلِّي وَجْهَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَجَعَلَ فِيهَا الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَنْ يُحَوِّلَ بَعْضَ وَجْهِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ وَالْأَشْبَهُ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَكْرُوهَ أَعَمُّ مِنْ تَحْوِيلِ جَمِيعِ الْوَجْهِ أَوْ بَعْضِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَظَرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ. . . إلَخْ) قَيَّدَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ بِأَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ، وَقَدْ أَطْلَقَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْتِفَاتَ الْبَصِيرِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلِ الْوَجْهِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ مُطْلَقًا وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَرَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ. . . إلَخْ) أَقُولُ النَّهْيُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ وَإِقْعَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ. . . إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي التَّفْسِيرِ لِلْإِقْعَاءِ؛ لِأَنَّ إقْعَاءَ الْكَلْبِ يَكُونُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ إلَّا أَنَّ إقْعَاءَ الْكَلْبِ فِي نَصْبِ الْيَدَيْنِ وَإِقْعَاءَ الْآدَمِيِّ فِي نَصْبِ الرُّكْبَتَيْنِ إلَى صَدْرِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ» ذَكَرَهُ فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ وَتَرَبُّعُهُ) مَعْرُوفٌ وَسُمِّيَ بِالتَّرَبُّعِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ قَدْ رَبَّعَ نَفْسَهُ كَمَا يُرَبَّعُ الشَّيْءُ إذَا جُعِلَ أَرْبَعًا وَالْأَرْبَعُ هُنَا السَّاقَانِ وَالْفَخِذَانِ رَبَّعَهَا بِمَعْنَى أَدْخَلَ بَعْضَهَا تَحْتَ بَعْضٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ) أَقُولُ، كَذَا عَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ وَمَا قِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>