للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ» ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا يَقْتُلُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهِمَا بِفِعْلٍ يَسِيرٍ كَالضَّرْبِ. وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى الْمُعَالَجَةِ وَالْمَشْيِ فَتَفْسُدُ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ كَالْمَشْيِ فِي الْحَدِيثِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ (وَلَا) الصَّلَاةُ (إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ) ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرْنَا لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّحْرَاءِ أَمَرَ عِكْرِمَةَ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُصَلِّيَ» (وَإِلَى مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ مُعَلَّقَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَالْكَرَاهَةُ بِاعْتِبَارِهَا، وَإِنْ قَالَ بَعْضٌ بِكَرَاهَتِهِمَا (أَوْ) إلَى (سِرَاجٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَجُوسَ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَبَ بَلْ الْجَمْرَ (أَوْ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ) ؛ لِأَنَّهَا إهَانَةٌ وَتَحْقِيرٌ لِلصُّورَةِ وَلَيْسَ بِتَعْظِيمٍ (إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا) أَيْ الصُّورَةِ بِأَنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فَإِنَّ السُّجُودَ عَلَيْهَا تَشَبُّهٌ بِعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ (كَذَا) لَفْظَةُ كَذَا هَاهُنَا كَالْفَصْلِ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ، وَوَجْهُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ.

(يُكْرَهُ الْوَطْءُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي) أَيْ التَّغَوُّطُ (فَوْقَ مَسْجِدٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي احْتِرَامَهُ؛ لِأَنَّ لِسَطْحِ الْمَسْجِدِ حُكْمَهُ حَتَّى لَوْ قَامَ عَلَيْهِ مُقْتَدِيًا بِالْإِمَامِ صَحَّ، وَلَوْ صَعِدَ إلَيْهِ الْمُعْتَكِفُ لَمْ يَفْسُدْ اعْتِكَافُهُ وَلَمْ يَحِلَّ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ (لَا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ) وَالْمُرَادُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَتَّى جَازَ بَيْعُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسَاجِدِ، كَذَا فِي الْكَافِي.

. (وَ) يُكْرَهُ (غَلْقُ بَابِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَصِحُّ مَنْعُهُ عَنْهُمْ قَالُوا هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَفِي زَمَانِنَا لَا بَأْسَ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الصَّلَاةِ فَيَقُولُ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ نَقْلِهِ بَاحِثًا ثُمَّ الْحَقُّ فِيمَا يَظْهَرُ الْفَسَادُ أَيْ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ اهـ.

وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسَادِ مُطْلَقًا.

وَقَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ؛ لِأَنَّ فِي قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ اخْتِلَافًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّعَرُّضُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَخْذِ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ أَوْ الدَّفْنِ، فَإِنْ تَعَرَّضَا بِالْأَذَى إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ وَالْقَتْلِ وَالدَّفْنِ بِغَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِالْقَتْلِ بِغَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ وَلَا يَطْرَحُهَا وَلَا يَدْفِنُهَا فِيهِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَظْفَرُ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ) أَفَادَ الْكَرَاهَةَ إلَى وَجْهِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ صَلَّى إلَى وَجْهِ إنْسَانٍ وَبَيْنَهُمَا ثَالِثٌ ظَهْرُهُ إلَى وَجْهِ الْمُصَلِّي لَا يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْمُصَلِّي بِالْوَجْهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَمِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَضْعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَا تَمْنَعُهُ الْقِرَاءَةَ وَمِنْهَا إتْمَامُ الْقِرَاءَةِ رَاكِعًا وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ وَالصَّلَاةُ فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ وَالْمَقْبَرَةِ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا فِي الْحَمَّامِ لَيْسَ فِيهِ تِمْثَالٌ وَصَلَّى لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا فِي الْمَقْبَرَةِ إذَا كَانَ فِيهَا مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ قَبْرٌ وَلَا نَجَاسَةٌ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَهُمْ عَنْ إكْمَالِ السُّنَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ يُكْرَهُ الْوَطْءُ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى كَرَاهَتِهِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ بِالْأَوْلَى، وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ تُكْرَهُ الْمُجَامَعَةُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ وَصَرَّحَ بِالتَّحْرِيمِ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] لَكِنَّ الْحَقَّ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَرَاهَةَ الْبَوْلِ وَالْمُجَامَعَةِ وَالتَّخَلِّي فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى الْقَوَارِعِ وَعِنْدَ الْحِيَاضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَمَا كَانَ هَذَا إلَّا نَظِيرَ الْمُعَدِّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَذَلِكَ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَالْمَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى الْقَوَارِعِ لَهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِيهَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ مَعْلُومٌ، وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُتَّخَذُ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ انْفَصَلَ الصُّفُوفُ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ اهـ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ مُصَلَّى الْعِيدِ يَأْخُذُ حُكْمَهَا أَيْ الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ لِأَعْظَمِ الْجُمُوعِ عَلَى وَجْهِ الْإِعْلَانِ إلَّا أَنَّهُ أُبِيحَ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فِيهَا ضَرُورَةَ الْخَشْيَةِ عَلَى ضَيَاعِهَا، وَقَدْ يَجُوزُ إدْخَالُ الدَّوَابِّ فِي بُقْعَةِ الْمَسَاجِدِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ وَالضَّرُورَةِ اهـ فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَاتَّفَقَ فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّخَلِّي أَيْ التَّغَوُّطُ) أَقُولُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ دُونَ مَا يَقُولُهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ الْخَلْوَةُ بِالْمَرْأَةِ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ) أَقُولُ إنَّمَا قَيَّدَ بِالْمِحْرَابِ لِيُفِيدَ الْحُكْمَ فِيمَا لَا مِحْرَابَ لَهُ بِالْأَوْلَى وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ وَلَا بَأْسَ بِالْبَوْلِ فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَالْمُرَادُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ قَالُوا هَذَا فِي زَمَانِهِمْ وَفِي زَمَانِنَا. . . إلَخْ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزَّمَانِ فِي الْهِدَايَةِ بَلْ قَالَ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ عَلَى مَتَاعِ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا كَمَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ فَالْمَدَارُ خَشْيَةُ الضَّرَرِ اهـ.

وَفِي نَفْيِ الْبَأْسِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَفْلُهُ.

وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>