للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَتَاعِ الْمَسْجِدِ.

(لَا) أَيْ لَا يُكْرَهُ (تَزْيِينُهُ بِالْجِصِّ وَالسَّاجِ) وَهُوَ خَشَبٌ مُقَوَّمٌ يُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ (وَمَاءِ الذَّهَبِ بِمَالِهِ) أَيْ بِمَالِ الْبَانِي (وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَيَضْمَنُ) قِيمَةَ مَا زَيَّنَهُ بِهِ (إذَا فَعَلَ) ذَلِكَ (مِنْ مَالِ الْوَقْفِ) .

(قَرَأَ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (مِنْ وَسْطِ السُّورَةِ لَا يُكْرَهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ) قِرَاءَةُ خَاتِمَةِ السُّورَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ يُكْرَهُ، وَكَذَا خَاتِمَةُ سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ أَوْ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ فِيهِمَا جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَلَوْ كَرَّرَ سُورَةً فِي الرَّكْعَتَيْنِ يُكْرَهُ إلَّا فِي النَّفْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَةٍ أَوْ سُورَتَيْنِ، وَإِنَّمَا يَفْصِلُ بِسُوَرٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ بِفَاتِحَةٍ وَشَيْءٍ مِنْ الْبَقَرَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعِيدُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ فِي الثَّانِيَةِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا، قَرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَرَأَ سُورَةً فَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً فَوْقَهَا يُكْرَهُ وَالْآيَةُ كَالسُّورَةِ، كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَتُهُ أَوْ عِمَامَتُهُ فِي الصَّلَاةِ فَرَفْعُ الْقَلَنْسُوَةِ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَفْضَلُ مِنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمَصَاحِفِ الْمَوْضُوعَةِ وَالْقَنَادِيلِ الْمُعَلَّقَةِ.

(قَوْلُ لَا يُكْرَهُ تَزْيِينُهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُنْقَشَ الْمَسْجِدُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْلِهِ لَا بَأْسَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ بِذَلِكَ فَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْجُوَ رَأْسًا بِرَأْسٍ. اهـ.؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ لَا بَأْسَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَأْسَ الشِّدَّةُ اهـ قُلْت وَفِيهِ نَفْيٌ لِقَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ قُرْبَةً لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَإِجْلَالِ الدِّينِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَعِنْدَنَا لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَصَرْفُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ أَحَبُّ اهـ.

وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ اسْتِحْبَابٍ صَرَفَهُ بِمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ بِمَالِهِ أَيْ بِمَالِ الْبَانِي) قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ طَيِّبِ مَالِهِ أَمَّا إذَا أَنْفَقَ فِي ذَلِكَ مَالًا خَبِيثًا أَوْ مَالًا مُسَبِّبُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إلَّا الطَّيِّبَ فَيُكْرَهُ تَلْوِيثُ بَيْتِهِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ اهـ.

وَقَيَّدَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا الْإِبَاحَةَ بِأَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لِدَقَائِقِ النَّقْشِ فِي الْمِحْرَابِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي. اهـ.

قُلْت فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمِحْرَابِ بَلْ فِي أَيِّ مَحَلٍّ يَكُونُ أَمَامَ مَنْ يُصَلِّي بَلْ أَعَمُّ مِنْهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ فَقَالَ بِكَرَاهَةِ التَّكَلُّفِ بِدَقَائِق النُّقُوشِ وَنَحْوِهَا خُصُوصًا فِي الْمِحْرَابِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا زَيَّنَهُ بِهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ فِي تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ضَمَانُ مَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا قِيمَةِ مَا صَرَفَ الْمَالَ فِيهِ.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَكَانَ الزَّرَنْجَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ أَيْ بِضَمَانِ الْمُتَوَلِّي فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا لَوْ صَرَفَ مَا يَفْضُلُ فِي الْعِمَارَةِ إلَى النَّقْشِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الظَّلَمَةَ يَأْخُذُونَ ذَلِكَ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا خِيفَ الضَّيَاعُ بِطَمَعِ الظَّلَمَةِ.

وَفِي الْغَايَةِ جَعْلُ الْبَيَاضِ فَوْقَ السَّوَادِ لِلنَّقَاءِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْمُتَوَلِّي.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَمْ يَكِلْ الْوَاقِفُ فِعْلَ مِثْلِ ذَلِكَ أَمَّا إنْ كَانَ فَلَهُ الْبَيَاضُ لِقَوْلِهِمْ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنَّهُ يَعْمُرُهُ كَمَا كَانَ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ لِلنَّقَاءِ إذْ لَوْ قَصَدَ بِهِ إحْكَامَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ اهـ قُلْت وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ اهـ قَالَ وَقَيَّدُوا بِالْمَسْجِدِ إذْ نَقْشُ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إلَّا إذَا كَانَ مَكَانًا مُعَدًّا لِلِاسْتِظْلَالِ تَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَرَادُوا مِنْ الْمَسْجِدِ دَاخِلَهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ تَرْغِيبِ الِاعْتِكَافِ فَيُفِيدُ أَنَّ تَزْيِينَ خَارِجِهِ مَكْرُوهٌ. وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَيَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي كَدَهْنِ الْحِيطَانَ خُصُوصًا بِقَصْدِ الْحِرْمَانِ.

(قَوْلُهُ قَرَأَ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ إلَى آخِرِ الْبَابِ) أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى هَذَا الْفَصْلِ وَكَانَ يَنْبَغِي اسْتِطْرَادُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْجِدِ وَلَهُ أَحْكَامٌ أُفْرِدَتْ عَلَى حِدَةٍ فِي الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى مِنْهَا تَحِيَّتُهُ وَسَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ وَيَكْفِيهِ فِي الْيَوْمِ رَكْعَتَانِ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ وَلَا تَسْقُطُ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَيَقُومُ مَقَامَهَا كُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا عِنْدَ الدُّخُولِ بِلَا نِيَّةِ التَّحِيَّةِ فَلَوْ نَوَى التَّحِيَّةَ مَعَ الْفَرْضِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الصَّلَاةِ وَصَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِكَرَاهَةِ الْحَدِيثِ أَيْ الْكَلَامِ فِيهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَجْلِسَ لِأَجْلِهِ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ الْكَلَامُ الْمُبَاحُ فِيهِ مَكْرُوهٌ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ

أَمَّا إنْ جَلَسَ لِلْعِبَادَةِ ثُمَّ بَعْدَهَا تَكَلَّمَ فَلَا وَاخْتُلِفَ فِي النَّوْمِ فِيهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ الْكَرَاهَةُ وَاخْتُلِفَ فِي كَرَاهِيَةِ إخْرَاجِ الرِّيحِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَلَا اسْتِطْرَاقُهُ وَلَا الْبُزَاقُ فِيهِ وَيَأْخُذُ النُّخَامَةَ بِثَوْبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْزَوِي مِنْهَا كَمَا يَنْزَوِي الْجِلْدُ مِنْ النَّارِ عَلَى مَا رُوِيَ (قَوْلُهُ قَرَأَ مِنْ وَسْطِ السُّورَةِ لَا يُكْرَهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَاتِ لِأَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْرَأَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ أَوْ مِنْ وَسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ فِيهِمَا) أَقُولُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ قَرَأَ آخِرَ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ آخِرَ سُورَةٍ أُخْرَى فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

(قَوْلُهُ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ فِي رَكْعَةٍ لَا يُكْرَهُ) أَقُولُ أَيْ عَلَى جِهَةِ التَّأْلِيفِ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى التَّأْلِيفِ عُرِفَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>