للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ يَوْمًا) كَامِلًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا لَبِسَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ (أَوْ حَلَقَ رُبْعَ رَأْسِهِ أَوْ) حَلَقَ (مَحَاجِمَهُ أَوْ إحْدَى إبْطَيْهِ أَوْ عَانَتَهُ أَوْ رَقَبَتَهُ أَوْ قَصَّ أَظَافِيرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فِيهِ) فَإِنَّ الْكُلَّ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَا يُزَادُ عَلَى دَمٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ تَجِبُ أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ إنْ قَلَّمَ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ يَدًا أَوْ رِجْلًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فَيَتَقَيَّدُ التَّدَاخُلُ بِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي آيَةِ السَّجْدَةِ وَإِنْ قَصَّ يَدًا أَوْ رِجْلًا فِيهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا يُقْتَلُ الْقَمْلُ كَذَا فِي الْفَتْحِ قُلْت ذَكَرَ أَصْحَابُ الْخَوَاصِّ أَنَّ الصَّابُونَ يَقْتُلُ الصِّئْبَانَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَبِسَ مَخِيطًا) أَقُولُ حَقِيقَةُ لُبْسِ الْمَخِيطِ أَنْ يَحْصُلَ بِوَاسِطَةِ الْخِيَاطَةِ اشْتِمَالٌ عَلَى الْبَدَنِ وَاسْتِمْسَاكٌ وَمِنْهُ إدْخَالُ الْيَدَيْنِ فِي الْقَبَاءِ أَوْ تَزْرِيرُهُ فَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ تَزْرِيرُ الْقَبَاءِ كَعَقْدِ الْإِزَارِ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِعَقْدِهِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمَخِيطَ بِالْبَدَنِ كَالْمَخِيطِ وَذَلِكَ كَالْبُرْنُسِ وَالزَّرَدِيَّةِ وَمَا صُنِعَ بِتَلْزِيقٍ وَدَوَامُ اللُّبْسِ بَعْدَمَا أَحْرَمَ وَهُوَ لَابِسُهُ كَإِنْشَائِهِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ انْتِفَاعِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالطِّيبِ السَّابِقِ عَلَيْهِ لِلنَّصِّ فِيهِ، وَلَوْلَاهُ لَأَوْجَبْنَا عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُخْتَارِ وَالنَّائِمِ إذَا غَطَّى رَأْسَهُ أَوْ أَلْبَسَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ اللِّبَاسِ مِنْ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَخُفٍّ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا أَوْ كَانَ يَنْزِعُهَا لَيْلًا وَيُعَاوِدُ لُبْسَهَا نَهَارًا أَوْ عَكْسُهُ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ الْخَلْعِ وَمَا لَمْ يَكُنْ كَفَّرَ بَيْنَ اللُّبْسَيْنِ وَإِلَّا تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ كَمَا يَتَعَدَّدُ فِيمَا إذَا اضْطَرَّ إلَى لُبْسِ ثَوْبٍ فَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ لَا عَلَى مَحَلِّ الضَّرُورَةِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ نَحْوُ أَنْ يَضْطَرَّ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ وَقَلَنْسُوَةً، أَمَّا لَوْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ عَلَى مَحَلِّ الضَّرُورَةِ لِوَاحِدٍ أَوْ اُضْطُرَّ إلَى قَلَنْسُوَةٍ فَلَبِسَهَا مَعَ عِمَامَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَتَرَ رَأْسَهُ يَوْمًا كَامِلًا) أَقُولُ أَوْ لَيْلَةً كَامِلَةً وَتَغْطِيَةُ رُبْعِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ كَتَغْطِيَةِ الْكُلِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ السَّتْرُ بِمَخِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُغَطَّى بِهِ عَادَةً كَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْعِمَامَةِ وَالْخُوذَةِ لِلْمُقَاتِلِ إلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّمِ وَالصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ لِعُذْرِ الْقِتَالِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ فَخَرَجَ مَا لَا يُغَطَّى بِهِ عَادَةً كَالطَّسْتِ وَالْأَجَّانَةِ وَعِدْلِ الْبُرِّ، وَلَوْ دَخَلَ تَحْتَ سِتْرِ الْكَعْبَةِ فَإِنْ كَانَ يُصِيبُ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ كُرِهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ الْوَاجِبَ بِالْجِنَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتُ وَالْعُذْرُ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ بِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ الْبَعْضِ مِنْ الرَّأْسِ وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرُّبْعَ كَالْكُلِّ اعْتِبَارًا بِالْحَلْقِ نَصَّ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ فِيهِ الْأَكْثَرَ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ هَذَا الْقَوْلُ أَوْجَهُ فِي النَّظَرِ، ثُمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَقِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنَّهُ يُعْتَبَرُ الْوُجُوبُ فِيهِ مِنْ الدَّمِ بِحِسَابِهِ وَنَقَلَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ اهـ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَطِّيَ أُذُنَيْهِ وَقَفَاهُ وَمِنْ لِحْيَتِهِ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ الذَّقَنِ بِخِلَافٍ فِيهِ وَعَارِضَهُ وَذَقَنَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ ثَوْبٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ حَلَقَ رُبْعَ رَأْسِهِ) أَقُولُ كَذَا رُبْعُ لِحْيَتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الثَّلَاثِ شَعَرَاتٍ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لِكُلِّ شَعْرَةٍ نَتَفَهَا مِنْ رَأْسِهِ وَأَنْفِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ كَفٌّ مِنْ طَعَامٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْمُرَادُ بِالْحَلْقِ إزَالَةُ الشَّعْرِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمُوسَى أَوْ بِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُخْتَارًا أَوْ لَا فَلَوْ أَزَالَهُ بِالنُّورَةِ أَوْ النَّتْفِ أَوْ أَحْرَقَ شَعْرَهُ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ فَسَقَطَ فَهُوَ كَالْحَلْقِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَنَاثَرَ شَعْرُهُ بِالْمَرَضِ أَوْ النَّارِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَقَ مِحْجَمَهُ) يَعْنِي وَاحْتَجَمَ حَتَّى إذَا لَمْ يَتَعَقَّبْهُ الْحِجَامَةُ لَا يَجِبُ إلَّا الصَّدَقَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا عَلَيْهِ صَدَقَةٌ بِحَلْقِهِ لِلْحِجَامَةِ كَمَا إذَا حَلَقَهُ لِغَيْرِ الْحِجَامَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَالْمَحَاجِمُ جَمْعُ مِحْجَمٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُ آلَةٍ مِنْ الْحِجَامَةِ وَبِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَحْجَمَةٍ اسْمُ مَوْضِعِ الْحِجَامَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إحْدَى إبْطَيْهِ أَوْ عَانَتَهُ أَوْ رَقَبَتَهُ) أَقُولُ خَصَّ لُزُومَ الدَّمِ بِحَلْقِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَامِلًا؛ لِأَنَّ الرُّبْعَ مِنْهَا لَا يُعْتَبَرُ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ فِيهَا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ فَلَا يَكُونُ حَلْقُ بَعْضِهَا وَلَوْ بَلَغَ أَكْثَرَهَا مُوجِبًا إلَّا لِلتَّصَدُّقِ وَالْحُكْمُ بِوُجُوبِ الدَّمِ بِحَلْقِ الْأَكْثَرِ مِنْهَا ضَعِيفٌ بِخِلَافِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، وَذَكَرَ فِي الْإِبْطَيْنِ الْحَلْقَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

وَفِي الْأَصْلِ النَّتْفُ وَهُوَ السُّنَّةُ وَالْأَوَّلُ دَلِيلُ الْجَوَازِ مِنْ التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ

(تَنْبِيهٌ) : لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ شَارِبِ الْمُحَرَّمِ.

وَقَالَ فِي الْفَتْحِ إنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ أَوْ أَخَذَهُ كُلَّهُ أَوْ حَلَقَهُ فَعَلَيْهِ طَعَامٌ لَا دَمٌ هُوَ الصَّحِيحُ وَالطَّعَامُ حُكُومَةُ عَدْلٍ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَأْخُوذِ مَا نِسْبَتُهُ مِنْ رُبْعِ اللِّحْيَةِ مُنْفَرِدَةً عَنْ الشَّارِبِ فَيَجِبُ بِحِسَابِهِ فَإِنْ كَانَ مِثْلَ رُبْعِ رُبْعِهَا لَزِمَهُ قِيمَةُ رُبْعِ الشَّاةِ أَوْ ثُمُنُهَا فَثُمُنُهَا وَهَكَذَا كَمَا تُفِيدُهُ الْهِدَايَةُ أَوْ يُعْتَبَرُ بِهَا مُنْضَمًّا مَعَهَا الشَّارِبُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِنْ أَخَذَ الْمُحْرِمُ مِنْ شَارِبِ حَلَالٍ أَطْعَمَ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ تَجِبُ أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ) هَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ كَمَا إذَا أَفْطَرَ أَيَّامًا وَلَمْ يُكَفِّرْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي آيَةِ السَّجْدَةِ) الْإِلْحَاقُ بِآيَةِ السَّجْدَةِ إنَّمَا هُوَ فِي تَقْيِيدِ التَّدَاخُلِ بِالْمَجْلِسِ لَا فِي إثْبَاتِ التَّدَاخُلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>