للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فُعَلَاءُ يُجْمَعُ عَلَى فِعَالٍ غَيْرُ نُفَسَاءَ وَعُشَرَاءَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ (وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ) لِأَنَّ خُرُوجَ الْوَلَدِ أَمَارَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الرَّحِمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى مَا يُؤَيِّدُ جَانِبَ كَوْنِهَا مِنْ الرَّحِمِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ إذْ لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الرَّحِمِ فَجُعِلَ الِامْتِدَادُ مُرَجِّحًا (وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» .

(وَكُلٌّ) مِنْ الْحَيْضِ، وَالنِّفَاسِ (يَمْنَعُ اسْتِمْتَاعَ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ) كَالْمُبَاشَرَةِ، وَالتَّفْخِيذِ وَتَحِلُّ الْقُبْلَةُ وَمُلَامَسَةُ مَا فَوْقَهُ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَّقِي مَوْضِعَ الدَّمِ فَقَطْ (وَالصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ (وَتَقْضِيهِ فَقَطْ) أَيْ تَقْضِي الصَّوْمَ لَا الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ وَصِحَّةَ أَدَائِهَا وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّوْمِ فَنَفْسُ وُجُوبِهِ ثَابِتٌ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ أَدَائِهِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ إذَا طَهُرَتْ.

(وَتُوطَأُ بِلَا غُسْلٍ بِانْقِطَاعِهِ لِلْأَكْثَرِ وَلِلْأَقَلِّ لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ يَسَعُ الْغُسْلَ، وَالتَّحْرِيمَةَ) أَيْ حَلَّ وَطْءُ مَنْ قُطِعَ دَمُهَا لِأَكْثَرِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ لَا وَطْءُ مَنْ قُطِعَ دَمُهَا لِأَقَلَّ مِنْ الْأَكْثَرِ بِأَنْ يَنْقَطِعَ الْحَيْضُ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ، وَالنِّفَاسُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ إلَّا إذَا مَضَى أَدْنَى وَقْتِ صَلَاةٍ يَسَعُ الْغُسْلَ وَالتَّحْرِيمَةَ فَحِينَئِذٍ يَحِلُّ وَطْؤُهَا وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِأَنَّ الصَّلَاةَ صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا فَطَهُرَتْ حُكْمًا فَإِذَا انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ فِيمَا دُونَ الْعَادَةِ يَجِبُ أَنْ تُؤَخِّرَ الْغُسْلَ إلَى آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنْ خَافَتْ الْفَوْتَ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، وَالْمُرَادُ آخِرُ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لَا وَقْتُ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ عَلَى رَأْسِ عَادَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَتُؤَخِّرُ الِاغْتِسَالَ اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَخَّرَتْ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَتْ الْفَوْتَ تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ ثُمَّ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ إذَا عَادَ الدَّمُ فِي الْعَشَرَةِ بَطَلَ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ مُعْتَادَةً وَإِذَا انْقَطَعَ لِعَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَبِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاغْتِسَالُ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَرَى يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا هَكَذَا إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَإِذَا طَهُرَتْ فِي الثَّانِي تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ ثُمَّ فِي الثَّالِثِ تَتْرُكُهُمَا، وَفِي الرَّابِعِ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ هَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ (وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ) أَيْ وَطْءِ الْحَائِضِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ الْقَطْعِيِّ.

(وَالنَّاقِصُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي اسْتِحَاضَةٌ (عَنْ أَقَلِّ الْحَيْضِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ (وَالزَّائِدُ عَلَى أَكْثَرِهِ) أَيْ الْعَشَرَةِ (أَوْ) عَلَى (أَكْثَرِ النِّفَاسِ) أَيْ أَرْبَعِينَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

وَقَالَ الْكَمَالُ: ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ فَيُقَالُ عَقِبَ الْوِلَادَةِ مِنْ الْفَرْجِ فَإِنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ مِنْ قِبَلِ سُرَّتِهَا بِأَنْ كَانَ بِبَطْنِهَا جُرْحٌ فَانْشَقَّتْ وَخَرَجَ الْوَلَدُ مِنْهَا تَكُونُ صَاحِبَةَ جُرْحٍ سَائِلٍ لَا نُفَسَاءَ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا وَقَعَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اهـ.

وَإِنْ سَالَ الدَّمُ مِنْ الْأَسْفَلِ صَارَتْ نُفَسَاءَ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْ السُّرَّةِ لِأَنَّهُ وُجِدَ خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ الرَّحِمِ عَقِبَ الْوِلَادَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ اهـ.

وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَرَ دَمًا لَا تَكُونُ نُفَسَاءَ، وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَعَلَيْهَا الْغُسْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ تَرَ دَمًا احْتِيَاطًا لِعَدَمِ خُلُوِّهِ عَنْ قَلِيلِ دَمٍ ظَاهِرًا وَاكْتَفَيَا بِالْوُضُوءِ فِي قَوْلِهِمَا الْآخَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

وَقَدَّمْنَاهُ فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَذَكَرْنَاهُ أَيْضًا هُنَا لِتَعَلُّقِهِ بِكُلٍّ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ صَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ بِالْوُجُوبِ وَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَالَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ.

وَفِي الْعِنَايَةِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذَ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

وَهَذَا مَا وَعَدْنَا بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا مِنْ الرَّحِمِ) أَنَّثَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الدِّمَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَذْكِيرَهُ لِرُجُوعِهِ لِلنِّفَاسِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ فِيهِ قُصُورٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِالْحَائِضِ، وَالْمَتْنُ شَامِلٌ لِلنُّفَسَاءِ وَهِيَ كَالْحَائِضِ فِي الْأَحْكَامِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ: أَيْ حَلَّ وَطْءُ مَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِأَكْثَرَ) أَقُولُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى تَغْتَسِلَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا مَضَى أَدْنَى وَقْتِ صَلَاةٍ. . . إلَخْ)

يَعْنِي بِهِ أَدْنَاهُ الْوَاقِعَ آخِرَ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ إنَّ الصَّلَاةَ صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهَا لَا أَعَمَّ مِنْهُ كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُهُمْ ثُمَّ الْحَصْرُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَمَّا أَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا صَلَّتْ بِهِ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ قُصُورٌ لِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لِلْكَلَامِ عَلَى الْغُسْلِ

وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ فِيمَا دُونَ الْعَادَةِ. . . إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِحُكْمِ إتْيَانِهَا وَلَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ قُرْبَانُهَا وَإِنْ اغْتَسَلَتْ مَا لَمْ تَمْضِ عَادَتُهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(تَنْبِيهٌ) : مُدَّةُ الِاغْتِسَالِ مِنْ الْحَيْضِ فِي الِانْقِطَاعِ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَإِنْ كَانَ تَمَامُ عَادَتِهَا بِخِلَافِهِ لِلْعَشَرَةِ حَتَّى لَوْ طَهُرَتْ فِي الْأُولَى، وَالْبَاقِي قَدْرُ الْغُسْلِ وَالتَّحْرِيمَةِ فَعَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ فَقَطْ

وَفِي الْمُجْتَبَى الصَّحِيحُ أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ الْغُسْلِ لُبْسُ الثِّيَابِ وَهَكَذَا صَوْمُهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَيَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ أَيْ وَطْءَ الْحَائِضِ) أَقُولُ اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِهِ وَذَكَرَ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ وَعَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَتْنَ شَامِلٌ لِلنُّفَسَاءِ وَقَدْ خَصَّهُ بِالْحَائِضِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ وَطِئَ النُّفَسَاءَ مِنْ حَيْثُ تَكْفِيرُهُ أَمَّا حُرْمَةُ وَطْئِهَا فَمُصَرَّحٌ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>