للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) عَلَى (عَادَةٍ عُرِفَتْ لَهُمَا وَجَاوَزَا أَكْثَرَهُمَا) أَيْ عَادَةٍ عُرِفَتْ لِحَيْضٍ وَجَاوَزَ الْعَشَرَةَ أَوْ نِفَاسٍ وَجَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ فَإِذَا كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِي الْحَيْضِ كَسَبْعَةٍ مَثَلًا فَرَأَتْ الدَّمَ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ السَّبْعِ اسْتِحَاضَةٌ، وَإِذَا كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ فِي النِّفَاسِ وَهِيَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا مَثَلًا فَرَأَتْ الدَّمَ خَمْسِينَ يَوْمًا فَالْعِشْرُونَ الَّتِي بَعْدَ الثَّلَاثِينَ اسْتِحَاضَةٌ هَذَا حُكْمُ الْمُعْتَادَةِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ الْمُبْتَدَأَةِ فَقَالَ (أَوْ) عَلَى (عَشَرَةِ حَيْضٍ مَنْ بَلَغَتْ مُسْتَحَاضَةً أَوْ) عَلَى (أَرْبَعِينَ نِفَاسِهَا وَمَا رَأَتْ حَامِلٌ) مِنْ الدَّمِ (اسْتِحَاضَةٌ) أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَلِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا بَيَّنَ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرَهُ وَأَكْثَرَ النِّفَاسِ عُلِمَ أَنَّ النَّاقِصَ عَنْ الْأَقَلِّ، وَالزَّائِدَ عَلَى الْأَكْثَرِ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا فَيَكُونُ اسْتِحَاضَةً بِالضَّرُورَةِ، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ بِأَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا وَتُصَلِّيَ فِي غَيْرِهَا فَعُلِمَ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا اسْتِحَاضَةٌ، وَأَمَّا الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ فَلِأَنَّ الْمُبْتَدِئَةَ الَّتِي بَلَغَتْ مُسْتَحَاضَةً حَيْضُهَا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا اسْتِحَاضَةٌ فَيَكُونُ طُهْرُهَا عِشْرِينَ يَوْمًا وَأَمَّا النِّفَاسُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ فِيهِ عَادَةٌ فَنِفَاسُهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا اسْتِحَاضَةٌ.

وَأَمَّا السَّابِعُ فَلِمَا عَرَفْت فِي أَوَّلِ الْبَابِ ثُمَّ بَيَّنَ حُكْمَ الِاسْتِحَاضَةِ فَقَالَ (لَا تَمْنَعُ صَلَاةً وَصَوْمًا وَوَطْئًا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِمُسْتَحَاضَةٍ تَوَضَّئِي وَصَلِّي وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ» فَثَبَتَ بِهِ حُكْمُ الصَّلَاةِ عِبَارَةً وَحُكْمُ الْوَطْءِ وَالصَّوْمِ دَلَالَةً لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ دَمَ الرَّحِمِ يَمْنَعُ الصَّلَاةَ، وَالصَّوْمَ، وَالْوَطْءَ وَدَمَ الْعِرْقِ لَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْهَا فَلَمَّا لَمْ يَمْنَعْ هَذَا الدَّمُ الصَّلَاةَ عَلَى أَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ لَا دَمُ رَحِمٍ فَثَبَتَ الْحُكْمَانِ الْآخَرَانِ دَلَالَةً.

(وَالنِّفَاسُ لِأُمِّ التَّوْأَمَيْنِ) هُمَا وَلَدَانِ مِنْ بَطْنٍ يَكُونُ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (مِنْ) الْوَلَدِ (الْأَوَّلِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ (وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ الْآخَرِ) وِفَاقًا لَهُمْ أَنَّهَا حَامِلٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ دَمُهَا مِنْ الرَّحِمِ وَلِذَا لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إلَّا بِوَضْعِ الثَّانِي وَلَنَا أَنَّ النِّفَاسَ هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ عَقِيبَ الْوِلَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَصَارَ كَالدَّمِ الْخَارِجِ عَقِيبَ الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِوَضْعِ حَمْلٍ مُضَافٍ إلَيْهَا فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ (وَسِقْطٌ يُرَى بَعْضُ خَلْقِهِ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ (وَلَدٌ) فَتَكُونُ بِهِ نُفَسَاءَ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَحْنَثُ لَوْ كَانَ عَلَّقَ يَمِينَهُ بِالْوِلَادَةِ.

(وَأَمَّا الْإِيَاسُ فَقِيلَ لَا يُحَدُّ بِمُدَّةٍ) بَلْ هُوَ أَنْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْمَبْلَغَ وَانْقَطَعَ دَمُهَا يُحْكَمُ بِإِيَاسِهَا (فَمَا رَأَتْهُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ حَيْضٌ) أَيْ إذَا لَمْ يُحَدَّ فَإِنْ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ دَمًا كَانَ حَيْضًا فَيَبْطُلُ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ، وَتَفْسُدُ الْأَنْكِحَةُ (وَقِيلَ يُحَدُّ) وَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ يُحَدُّ (بِخَمْسِينَ سَنَةً) وَهُوَ مَذْهَبُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَفِي الْحُجَّةِ الْيَوْمُ يُفْتَى بِهِ تَيْسِيرًا عَلَى مَنْ اُبْتُلِيَتْ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ بِطُولِ الْعِدَّةِ (وَقِيلَ) يُحَدُّ (بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ) سَنَةً، وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ بُخَارَى وَخُوَارِزْمَ وَمَرْوَ (وَقِيلَ) يُحَدُّ (بِسِتِّينَ) سَنَةً وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ نَصًّا وَمُعْتَبَرٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ (وَاخْتُلِفَ فِيمَا رَأَتْهُ بَعْدَهَا)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى عَادَةٍ عُرِفَتْ لَهُمَا) أَقُولُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا تَثْبُتُ بِهِ الْعَادَةُ وَقَالَ الْخُلَاصَةُ، وَالْكَافِي: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي ثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ لِثُبُوتِ الْعَادَةِ، وَالْخِلَافُ فِي الْعَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا الْجَعْلِيَّةِ وَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَلْيَقْصِدْ فَتْحَ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: فَرَأَتْ الدَّمَ خَمْسِينَ يَوْمًا فَالْعَشَرَةُ. . . إلَخْ) .

فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَقُلْ فَالْعِشْرُونَ كَمَا قَالَ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ السَّبْعِ اسْتِحَاضَةٌ قُلْت حِكْمَةُ ذَلِكَ لِيُعْرَفَ بِهِ جَوَازُ إطْلَاقِ الِاسْتِحَاضَةِ عَلَى جَمِيعِ الزَّائِدِ وَعَلَى مَا يَتِمُّ بِهِ الْأَكْثَرُ اهـ.

وَمَا قِيلَ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ فَالْعِشْرُونَ الَّتِي بَعْدَ الثَّلَاثِينَ عَلَى قِيَاسِ مَا قَالَ فَخَمْسَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ السَّبْعِ اسْتِحَاضَةٌ لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَى الْبَيَانِ الْعَشَرَةُ الَّتِي بَعْدَ الثَّلَاثِينَ لَا مَا فَوْقَهُ فِيهِ تَسَاهُلٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ طُهْرُهَا عِشْرِينَ يَوْمًا) أَقُولُ الْعِشْرِينَ لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ الْكَمَالُ: إنَّهُ يُقَدَّرُ حَيْضُهَا بِعَشَرَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَبَاقِيهِ طُهْرٌ فَشَهْرٌ عِشْرُونَ وَشَهْرٌ تِسْعَةَ عَشَرَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا النِّفَاسُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ عَادَةٌ. . . إلَخْ) هَذَا الْقَيْدُ هُوَ الثَّابِتُ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ لِمَنْ لَا عَادَةَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا السَّابِعُ فَلِمَا عَرَفْت) يَعْنِي مِنْ انْسِدَادِ فَمِ الرَّحِمِ بِالْحَبَلِ (قَوْلُهُ: لَا تَمْنَعُ صَلَاةً) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْعَادَةِ فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ الزَّائِدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَا تُصَلِّي بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْأَصْلِيِّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْتِيَهَا زَوْجُهَا احْتِيَاطًا حَتَّى يَتَيَقَّنَ حَالَهَا.

(قَوْلُهُ: هُمَا وَلَدَانِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَكَذَا بَيْنَ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ وَلَكِنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيُجْعَلُ حَمْلًا وَاحِدًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَسِقْطٌ يُرَى بَعْضُ خَلْقِهِ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ بِأَنْ أَسْقَطَتْ فِي الْمَخْرَجِ وَاسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ إنْ أَسْقَطَتْ أَوَّلَ أَيَّامِهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَدْرَ عَادَتِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِيَاسُ) قَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ فَلْيُرَاجَعْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>