للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِمُجَرَّدِ الْوَصْفِ بِالْحُرِّيَّةِ يَعْتِقُ فَإِذَا أَكَّدَهُ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَعْتِقَ (أَوْ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ) فَإِنَّ لَفْظَ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ أَحَدُ مَعَانِيه الْمُعْتَقُ وَفِي الْعَبْدِ لَا يَلِيقُ إلَّا هَذَا الْمَعْنَى فَيَعْتِقُ بِلَا نِيَّةٍ (أَوْ يَا حُرُّ أَوْ يَا عَتِيقُ) فَإِنَّ لَفْظَ الْإِخْبَارِ جُعِلَ إنْشَاءً فِي التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ، كَمَا فِي النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَاجِبٌ لَا وَجْهَ لَهُ إلَّا بِتَقْدِيمِ ثُبُوتِ الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ فِي الْمَحِلِّ لِيَتَحَقَّقَ مِنْهُ هَذَا الْإِخْبَارُ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْكَذِبَ أَوْ حُرِّيَّتَهُ مِنْ الْعَمَلِ صَدَقَ دِيَانَةً لِلِاحْتِمَالِ لَا قَضَاءً، وَالنِّدَاءُ لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى فَإِذَا نَادَاهُ بِوَصْفٍ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَانَ تَحْقِيقًا لِذَلِكَ الْوَصْفِ (إلَّا إذَا سَمَّاهُ بِهِ) أَيْ سَمَّى عَبْدَهُ بِالْحُرِّ أَوْ الْعَتِيقِ فَحِينَئِذٍ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْإِعْلَامُ بِاسْمٍ عَلِمَهُ وَهُوَ مَا لَقَّبَهُ بِهِ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ مَا سَمَّاهُ بِهِ (إذَا نَادَى بِالْعَجَمِيَّةِ) وَقَالَ يَا آزَادَ وَقَدْ سَمَّاهُ بِالْحُرِّ (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ سَمَّاهُ بَازَادَ وَنَادَى بِيَا حُرُّ (عَتَقَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنِدَاءٍ بِاسْمٍ عَلِمَهُ فَيُعْتَبَرُ إخْبَارًا عَنْ الْوَصْفِ (كَذَا رَأْسُك حُرٌّ وَنَحْوُهُ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْبَدَنِ) أَيْ وَجْهُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: فَرْجُك فَإِنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْبَدَنِ وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ كَالنِّصْفِ، وَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِمَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِيمَا وَرَاءَهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِي هَذَا.

(وَبِقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَوْ بِعْت مِنْك نَفْسَك عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) الْعَبْدُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ (وَلَمْ يَنْوِ) الْمَوْلَى الْإِعْتَاقَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ نَفْسِ الْعَبْدِ مِنْهُ إعْتَاقٌ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ (وَلَوْ زَادَ بِكَذَا لَمْ يَعْتِقْ مَا لَمْ يَقْبَلْ) ، كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (وَبِكِنَايَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِصَرِيحِهِ (إنْ نَوَى) إزَالَةَ الِاشْتِبَاهِ وَالِاحْتِمَالِ (كَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا رِقَّ أَوْ لَا سَبِيلَ وَخَرَجْتَ مِنْ مِلْكِي وَخَلَّيْتُ سَبِيلَك) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ نَفْيَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْكِتَابَةِ كَمَا يَحْتَمِلُهُ بِالْعِتْقِ وَإِذَا نَوَاهُ تَعَيَّنَ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اذْهَبْ حَيْثُ شِئْت أَوْ تَوَجَّهْ أَنَّى شِئْت مِنْ بِلَادِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَعْتِقُ وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْيَدِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (وَكَقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ قَدْ أَطْلَقْتُك) بِنِيَّةِ الْإِعْتَاقِ تَعْتِقُ إذْ يُقَالُ أَطْلَقَهُ مِنْ السِّجْنِ إذَا خَلَّى سَبِيلَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ خَلَّيْتُ سَبِيلَكِ (لَا بِطَلْقَتِك وَأَنْتِ طَالِقٌ) لِمَا سَبَقَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِلَفْظِ الْعِتْقِ بِلَا عَكْسٍ فَإِنَّ إزَالَةَ مِلْكِ الرَّقَبَةِ يَسْتَلْزِمُ إزَالَةَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ بِلَا عَكْسٍ (وَلَا بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى) لِهَذَا الْوَجْهِ (كَذَا) أَيْ لَا يَعْتِقُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (يَا ابْنِي وَيَا ابْنُ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِنْ نَوَى (وَيَا بِنْتِي وَيَا بُنَيَّةُ وَيَا أَخِي وَيَا سَيِّدِي وَيَا مَالِكِي) ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ كَمَا عَرَفْت لِاسْتِحْضَارِ الْمُنَادَى فَإِنْ نَادَاهُ بِوَصْفٍ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ كَالْحُرِّيَّةِ كَانَ تَحْقِيقًا لِذَلِكَ الْوَصْفِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إنْشَاءَهُ كَانَ لِلْإِعْلَامِ الْمُجَرَّدِ لَا لِتَحْقِيقِ الْوَصْفِ لِتَعَذُّرِهِ وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

(وَ) لَا (بِقَوْلِهِ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك) وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الْحُجَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: ٢١] أَيْ بِحُجَّةٍ وَيَذْكُرُ وَيُرَادُ بِهِ الْيَدُ وَالِاسْتِيلَاءُ سُمِّيَ السُّلْطَانُ بِهِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَاسْتِيلَائِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا حُجَّةَ لِي عَلَيْك وَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ وَإِنْ نَوَى فَكَذَا هَذَا.

(وَ) لَا (بِقَوْلِهِ: أَنْتَ مِثْلُ الْحُرِّ) ؛ لِأَنَّ الْمِثْلَ يُسْتَعْمَلُ لِلْمُشَارَكَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْصَافِ عُرْفًا فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الْحُرِّيَّةِ فَلَا تَثْبُتُ (بِخِلَافِ) مَا إذَا قَالَ: (هَذَا ابْنِي لِلْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ أَوْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ) لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ بَلْ مُلْحَقٌ بِهِ أَيْ بِالصَّرِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَا حُرُّ أَوْ يَا عَتِيقُ إلَخْ)

قَالَ الْكَمَالُ: أَمَّا النِّدَاءُ فَالتَّحْرِيرُ فِيهِ لَا يَثْبُتُ وَضْعًا بَلْ اقْتِضَاءً (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَفْظَ الْإِخْبَارِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ كَأَنْتَ حُرٌّ وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِيبَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْعَاقِلِ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي قَطْعُهُ عَنْهُ بِأَنْ يُقَالَ وَلِأَنَّ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْعَاقِلِ.

(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ وَهَبْتُ لَك نَفْسَك أَوْ بِعْتُ) مُلْحَقٌ بِالصَّرِيحِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) قَالَ الْكَمَالُ: وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ: وَلَا بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَإِنْ نَوَى) شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ، وَالزَّيْلَعِيُّ وَقَاضِي خَانْ حَتَّى لَوْ قَالَ اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَنَوَى الْعِتْقَ لَا تَعْتِقُ اهـ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا فِي النَّهْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي فَإِنَّهُ يَقَعُ بِالنِّيَّةِ اهـ.

وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ أَمْرُك بِيَدِك وَاخْتَارِي مِنْ كِنَايَاتِ التَّفْوِيضِ لَا مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ اهـ.

وَفِيهَا قَالَ لَهَا أَمْرُ عِتْقِك بِيَدِك أَوْ جَعَلْت عِتْقَك فِي يَدِك أَوْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي الْعِتْقَ أَوْ خَيَّرْتُك فِي عِتْقِك أَوْ فِي الْعِتْقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اخْتِيَارِ الْعِتْقِ فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَذَا يَا ابْنِي) قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ: هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: لَوْ قَالَ ابْنِي أَوْ يَا أَخِي لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ النِّدَاءَ إلَى آخِرِ مَا عَلَّلَ بِهِ هُنَا ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ النَّسَبُ تَصْدِيقًا لَهُ فَيَعْتِقُ (قَوْلُهُ: وَلَا بِقَوْلِهِ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَإِنْ نَوَى) كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَقِيلَ: يَعْتِقُ إنْ نَوَاهُ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِتَعْيِينِ النِّيَّةِ نَفْيَ السُّلْطَانِ لِلْعِتْقِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ كَوْنَ نَفْيِ السُّلْطَانِ مِنْ الْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: وَأَنْتَ مِثْلُ الْحُرِّ) هَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ وَإِنْ نَوَى عَتَقَ لِمَا فِي التَّبْيِينِ، وَالْبُرْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>