للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَخْصَانِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى وَهُوَ صِفَةُ ذَا وَجَرَّهُ لِلْجِوَارِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَهُوَ حُرٌّ» ، وَاللَّفْظُ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ قَرَابَةٍ مُؤَكَّدَةٍ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَلَدًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ، وَالْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ تَامٌّ يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْإِعْتَاقِ، وَاللُّزُومُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (وَلَوْ) وَصَلْيَةٌ كَانَ الْمَالِكُ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) حَتَّى يَعْتِقَ الْقَرِيبُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمِلْكِ إذْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَشَابَهُ النَّفَقَةَ (أَوْ أَعْتَقَ) عَطْفٌ عَلَى مَلَكَ (لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ) فَإِنَّهُ أَيْضًا يَعْتِقُ لِوُجُودِ رُكْنِ الْإِعْتَاقِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ، وَوَصْفُ الْقُرْبَةِ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ زِيَادَةٌ فَلَا يَخْتَلُّ الْعِتْقُ فِي الْأَخِيرَيْنِ بِعَدَمِهِ بَلْ يَكُونُ الْمُعْتِقُ عَاصِيًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْكَفَرَةِ وَعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ.

(أَوْ) أَعْتَقَ (مُكْرَهًا أَوْ سَكْرَانَ) فَإِنَّ إعْتَاقَهُمَا صَحِيحٌ لِصُدُورِهِ عَنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْقَاطَاتِ الرِّضَا وَبِالْإِكْرَاهِ يَنْعَدِمُ الرِّضَا وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي انْعِدَامِ الْحُكْمِ أَلَا يُرَى إلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ» ، وَالْهَازِلُ لَا يَرْضَى بِالْحُكْمِ.

(أَوْ أَضَافَ) عَطْفٌ عَلَى أَعْتَقَ (عِتْقَهُ إلَى شَرْطٍ وَوُجِدَ) أَيْ الشَّرْطُ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ عَتِيقٌ فَدَخَلَ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ مَلَكَ، وَالْمَذْكُورُ بَعْدَهُ (كَعَبْدٍ حَرْبِيٍّ خَرَجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا) فَإِنَّهُ يَعْتِقُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبِيدِ الطَّائِفِ حِين خَرَجُوا إلَيْهِ مُسْلِمِينَ هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ» وَلِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً.

(وَالْحَمْلُ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ) تَبَعًا لَهَا لِاتِّصَالِهِ بِهَا وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ نَفْسَهُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ، وَالْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْحَمْلِ وَشَيْءٌ مِنْهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِعْتَاقِ ثُمَّ قِيَامُ الْحَمْلِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ إنَّمَا يُعْرَفُ (إذَا) (وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ كَمَا مَرَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْطُورَ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ تَبَعًا لَهَا مُطْلَقًا فَإِنْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِأَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَعْتِقُ الْحَمْلُ وَلَا يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ وَإِنْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَمْلِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِلْأَكْثَرِ يَعْتِقُ تَبَعًا لِأُمِّهِ لَكِنْ يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوْلَى الْأَبِ كَمَا مَرَّ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ لَا بِطَرِيقِ التَّبِيعَةِ بَلْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ حَتَّى لَا يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ وَهَذَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَسَامُحًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا مُخَالِفٌ لِعِبَارَةِ الْقَوْمِ حَيْثُ قَالُوا: إنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا وَأَيْضًا قَوْلُهُ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَيْدٌ، لِقَوْلِهِ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ وَمُتَمِّمٌ لَهُ، وَقَدْ فَصَلَهُ عَنْهُ بَلْ حَقُّ الْعِبَارَةِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا اعْلَمْ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ وَهِيَ حَامِلٌ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى لَا يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَمْلَ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِك مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) قَيَّدَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ مَلَكَ قَرِيبًا مَحْرَمًا حَرْبِيًّا بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَلَوْ مَلَكَ قَرِيبَهُ الذِّمِّيَّ أَوْ الْمُسْلِمَ بِدَارِ الْحَرْبِ عَتَقَ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ:، وَالْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَاتَبُ) يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظَةِ؛ لِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ تَامٌّ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا لَهُ التَّكَسُّبُ خَاصَّةً وَقَرَابَةُ الْوِلَادِ يَجِبُ مُوَاسَاتُهَا بِالتَّكَسُّبِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَقَارِبِ فَكَذَا التَّكَاتُبُ اهـ.

وَفِي رِوَايَةٍ كَقَوْلِهِمَا يَتَكَاتَبُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: لَمَّا ذَكَرَ الْعِتْقَ الْحَاصِلَ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارِيٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ مِمَّا لَيْسَ بِاخْتِيَارِيٍّ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ ثَابِتًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَيْهَا الِاعْتِرَاضُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ) مُكْرَهًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) يَعْنِي مِنْ مُحَرَّمٍ لَا مِمَّا طَرِيقُهُ مُبَاحٌ كَالْمُضْطَرِّ وَاَلَّذِي لَمْ يَقْصِدْ السُّكْرَ مِنْ مُثَلَّثٍ وَمَنْ حَصَلَ لَهُ بِغَدَاءٍ أَوْ دَوَاءٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ) هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ سَهْوٌ.

(قَوْلُهُ:، وَالْحَمْلُ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ تَبَعًا لَهَا. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: تَبَعًا لَهَا مَتْنًا لِيَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدَهُ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ يَكُونَ شَرْحًا فَإِنْ كَانَ مَتْنًا يُعَارِضُ تَقْيِيدُهُ التَّبَعِيَّةَ بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَا سَيَذْكُرُهُ أَنَّ التَّبَعِيَّةَ تَكُونُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ شَرْحًا لَا يَصِحُّ الْمَتْنُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ الْحَمْلُ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ إلَّا أَنْ تَلِدَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ يَعْتِقُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ تَسَامُحًا) غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ الْحَقُّ مَا قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ تَصْرِيحٌ بِمَا يُفِيدُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أُعْتِقَتْ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَمْلِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِلْأَكْثَرِ يَعْتِقُ تَبَعًا اهـ.

فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ يَعْتِقُ مَقْصُودًا فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ فِي مَسْأَلَةِ جَرِّ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْجَرُّ وَلَاؤُهُ إلَى مَوْلَى الْأَبِ) هُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ مِنْ ذِكْرِ الْأُمِّ مَكَانَ الْأَبِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) صَوَابُهُ كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ بَلْ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>