للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِّ الْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهَا مَتَى شَاءَ وَاسْتِرْدَادُهُ إلَى مِلْكِهِ إذَا عَجَزَ.

(إذَا كَاتَبَ قِنَّهُ وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ) الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَإِنَّهُ إذَا عَقَلَ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقَبُولِ وَالتَّصَرُّفُ نَافِعٌ فِي حَقِّهِ فَيَجُوزُ (بِمَالٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ) بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ مَثَلًا (أَوْ مُنَجَّمٍ) أَيْ مُؤَقَّتٍ بِأَزْمِنَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أُخِذَ مِنْ التَّوْقِيتِ بِطُلُوعِ النَّجْمِ ثُمَّ شَاعَ فِي مُطْلَقِ التَّوْقِيتِ (أَوْ قَالَ جَعَلْت عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا فَإِنْ أَدَّيْته فَأَنْتَ حُرٌّ وَإِنْ عَجَزْت فَقِنٌّ وَقَبِلَ) أَيْ الْقِنُّ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاتَبَ شُرِطَ قَبُولُهُ إذْ يَلْزَمُهُ الْمَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ (صَحَّ) جَوَابُ إذَا كَاتِب أَيْ صَحَّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ عَبَّرَ بِلَفْظِ الْكِتَابَةِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي مُؤَدَّاهُ لِوُجُودِ رُكْنِهِ وَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ (وَعَتَقَ) الْقِنُّ (إنْ أَدَّى كُلَّهُ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَقُلْ إذَا أَدَّيْتهَا فَأَنْتَ حُرٌّ) ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابَةِ هُوَ الْعِتْقُ عَنْ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ جَمْعِ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ (فَخَرَجَ) عَطْفٌ عَلَى صَحَّ وَفَرَعٌ لَهُ أَيْ إذَا صَحَّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ خَرَجَ الْمُكَاتَبُ (مِنْ يَدِهِ) أَيْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْكِتَابَةِ مَالِكِيَّةُ الْيَدِ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى السَّفَرِ (لَا) مِنْ (مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَصْلُ الْبَدَلِ يَجِبُ لِلْمَوْلَى فِي ذِمَّتِهِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ الْمُنَافِي إذْ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ فَيَثْبُتُ لِلْعَبْدِ بِمُقَابَلَتِهِ مَالِكِيَّةٌ ضَعِيفَةٌ أَيْضًا فَإِذَا تَمَّ لِلْمَوْلَى الْمِلْكُ بِالْقَبْضِ تَمَّ الْمَالِكِيَّةُ لِلْعَبْدِ أَيْضًا، وَتَمَامُ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْحُرِّيَّةِ فَيَعْتِقُ لِضَرُورَةِ الْمَالِكِيَّةِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ بِذَلِكَ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (وَعَتَقَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا بَدَلٍ (إنْ أَعْتَقَ مَوْلَاهُ) لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ (وَغَرِمَ) الْمَوْلَى (الْعُقْرَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (إنْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ) مِثْلُ الْمَالِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ جَنَى (عَلَى مَالِهَا) ؛ لِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَارَتْ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَوَلَدِهَا وَمَالِهَا.

(إذَا كَاتَبَ عَلَى قِيمَتِهِ) بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ قِيمَتَك فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ كَاتَبْتُك عَلَى قِيمَتِك (أَوْ) عَلَى (عَيْنٍ لِغَيْرِهِ) بِأَنْ قَالَ: كَاتَبْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَصِحُّ حَتَّى إذَا مَلَكَهَا وَسَلَّمَهَا عَتَقَ وَإِنْ عَجَزَ رُدَّ إلَى الرِّقِّ (وَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ) احْتِرَازًا عَنْ دَرَاهِمِ الْغَيْرِ وَدَنَانِيرِهِ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ عَلَيْهَا جَائِزَةٌ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا (أَوْ عَلَى مِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ (لِيَرُدَّ مَوْلَاهُ) إلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: إذَا كَاتَبَ قِنَّهُ) جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ نَحْوَ أُمِّ وَلَدِهِ صَحَّ، وَالْوَصِيُّ وَالْأَبُ يَصِحُّ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا عَنْ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْقِلُ فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَبَعًا فَلَا تَصِحُّ مُكَاتَبَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَعْقِلْ وَلَوْ قَبِلَ عَنْهُ رَجُلٌ وَرَضِيَ الْمَوْلَى وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي الصَّحِيحِ وَيَرْجِعُ الرَّجُلُ بِمَا أَدَّاهُ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ الْعِتْقُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ شَرْطٌ مُنْتَفٍ بِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمُكَاتَبِ لَهُ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: بِمَالٍ) لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا عَنْ الْخِدْمَةِ لِمَا سَيَأْتِي.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا الْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ، وَالِاسْتِحْسَانُ: يَجُوزُ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُؤَجَّلٍ) هُوَ أَفْضَلُ، كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ: جَعَلْت عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا. . . إلَخْ) ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ مُنَجَّمٍ لِيُفِيدَ ثُبُوتَ حُكْمِ الْكِتَابَةِ بِلَفْظِهَا وَبِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، ثُمَّ الْكِتَابَةُ إمَّا عَنْ النَّفْسِ خَاصَّةً أَوْ عَنْهَا وَعَنْ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِ الْعَبْدِ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ مَا فِي يَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَدَلِهَا وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى إلَّا بَدَلُ الْكِتَابَةِ لَا غَيْرُ، كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ الْمَوْلَى الْعُقْرَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) الْعُقْرُ إذَا ذُكِرَ فِي الْحَرَائِرِ يُرَادُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِذَا ذُكِرَ فِي الْإِمَاءِ فَهُوَ عُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهَا، كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَلَوْ وَطِئَ مِرَارًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا عُقْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ شَرَطَ وَطْأَهَا فَسَدَتْ الْكِتَابَةُ، كَمَا فِي الدِّرَايَةِ وَتَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْبَدَلِ وَلَا يَثْبُتُ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَهَذَا حُكْمُ الْفَاسِدَةِ بِفَوَاتِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَأَمَّا الْبَاطِلَةُ وَهِيَ الَّتِي فَاتَهَا شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَاءِ الْمَالِ فَيَعْتِقُ بِهِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ وَطِئَهَا الْمَوْلَى غَرِمَ الْعُقْرَ لَهَا تَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةٍ مَمْلُوكَةٍ لَهَا اهـ.

وَقَدْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ قَبْلَ هَذَا: ثُمَّ مَالُ الْعَبْدِ مَا يَحْصُلُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِقَبُولِ الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى فِي يَدِ الْعَبْدِ وَقْتَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْشُ وَالْعُقْرُ وَإِنْ حَصَلَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْعَبْدِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَكَذَا قَالَ الْحَدَّادِيُّ: وَأَمَّا أَرْشُ الْجِرَاحَةِ، وَالْعُقْرُ فَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى اهـ. فَلْيُنْظَرْ فِيهِ مَعَ إلْزَامِ الْمَوْلَى الْعُقْرَ بِوَطْئِهَا، وَالْأَرْشَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ قِيمَتَك فَأَنْتَ حُرٌّ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا لَا مُكَاتَبًا فَلْيُتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>