للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ الْمُوَالَاةِ الْأُوَلُ) أَيْ الْوَلَاءُ الْحَاصِلُ مِنْ الْعِتْقِ يَكُونُ (لِمُعْتَقٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ) يَعْنِي لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَبْدَهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا خَرَجَا إلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ لَا يَرِثُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، كَذَا فِي الْكَافِي وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: الذِّمِّيُّونَ يَتَوَارَثُونَ بِالْوَلَاءِ كَالْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْإِرْثِ (وَلَوْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ) أَيْ جَعْلِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدِهِ (أَوْ مِلْكِ قَرِيبٍ) بِأَنْ يَمْلِكَ قَرِيبَهُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا إعْتَاقٌ يَثْبُتُ بِهِ الْوَلَاءُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . (وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَهُ) يَعْنِي لَوْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَرِثَهُ كَانَ الشَّرْطُ لَغْوًا لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَيَرِثُهُ كَمَا فِي النَّسَبِ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَأُورِدَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ بِالتَّدْبِيرِ أَوْ الِاسْتِيلَادِ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَالْمُدَبَّرُ إنَّمَا يَعْتِقَانِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى، وَأُجِيبُ بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَرْتَدَّ الْمَوْلَى وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُحْكَمَ بِعِتْقِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِعَصَبَةِ الْمَوْلَى إنَّمَا يَكُونُ بِسَبَبِ ثُبُوتِهِ لِلْمَوْلَى فَإِنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ أَوْ لَا لِصُدُورِ سَبَبِ الْعِتْقِ مِنْهُ ثُمَّ يَسْرِي مِنْهُ إلَى عَصَبَتِهِ.

(أَعْتَقَ أَمَةً زَوْجُهَا قِنُّ الْغَيْرِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ زَوْجُهَا قِنٌّ (فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مِنْ الْإِعْتَاقِ فَلَهُ وَلَاءُ الْوَلَدِ بِلَا نَقْلٍ عَنْهُ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ عَبْدُ رَجُلٍ أَمَةً لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مَوْلَى الْأَمَةِ الْأَمَةَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الْعَبْدِ عَتَقَتْ وَعَتَقَ حَمْلُهَا ثُمَّ يَسْرِي مِنْهُ وَوَلَاءُ الْحَمْلِ لِمَوْلَى الْأُمِّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مُعْتِقِ الْأُمِّ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا يَقْبَلُ الْإِعْتَاقَ قَصْدًا؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ فِي حُكْمِ الْعِتْقِ كَشَخْصٍ عَلَى حِدَةٍ حَيْثُ يَجُوزُ انْفِرَادُهُ بِالْعِتْقِ فَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ عَنْهُ لِمَا رَوَيْنَا وَهَذَا إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِ الْحَمْلِ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ (وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ (وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَبَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ (أَقَلُّ مِنْ الْأَقَلِّ) أَيْ أَقَلُّ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ يَعْنِي أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا حِينَئِذٍ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعِتْقِ وَتَيَقَّنَّا أَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ حَمَلَتْ بِهِمَا جُمْلَةً لِعَدَمِ تَخَلُّلِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا تَنَاوَلَ الْإِعْتَاقُ الْأَوَّلَ تَنَاوَلَ الْآخَرَ أَيْضًا ضَرُورَةً فَصَارَ مُعْتِقًا لَهُمَا وَوَلَاؤُهُمَا لَهُ لَا يَنْتَقِلُ مِنْهُ أَبَدًا (وَلَوْ وَلَدَتْ) وَلَدًا بَعْدَ عِتْقِهَا (لِلْأَكْثَرِ) أَيْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (فَوَلَاؤُهُ) أَيْ وَلَاءُ الْوَلَدِ (لِمَوْلَاهَا) ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ تَبَعًا لِلْأُمِّ لِاتِّصَالِهِ بِهَا عِنْدَ عِتْقِهَا، وَقَدْ تَعَذَّرَ جَعْلُهُ تَبَعًا لِلْأَبِ لِرِقِّيَّتِهِ (فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى قَوْمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ» ثُمَّ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ فَكَذَا الْوَلَاءُ، وَالنِّسْبَةُ إلَى مَوَالِي الْأُمِّ كَانَتْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْأَبِ ضَرُورَةً فَإِذَا صَارَ أَهْلًا عَادَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ.

(عَجَمِيٌّ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ نَكَحَ مُعْتَقَةً) سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهَا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهَا) عِنْدَهُمَا.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمُهُ حُكْمُ أَبِيهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إلَى الْأَبِ كَمَا إذَا كَانَ الْأَبُ عَرَبِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْأَبُ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ هَالِكٌ مَعْنًى وَلَهُمَا أَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ قَوِيٌّ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ حَتَّى اُعْتُبِرَتْ الْكَفَاءَةُ فِيهِ، وَالنَّسَبُ فِي حَقِّ الْعَجَمِ ضَعِيفٌ لِتَضْيِيعِهِمْ أَنْسَابَهُمْ وَلِهَذَا لَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ بِالنَّسَبِ بَيْنَهُمْ، وَالضَّعِيفُ لَا يُعَارِضُ الْقَوِيَّ بِخِلَافِ مَا إذَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

أَوْ الْمُوَالَاةِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ نَوْعَانِ لِاخْتِلَافِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ الْعِتْقُ عَلَى الْمِلْكِ فِي الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ سَبَبَهُ الْإِعْتَاقُ وَوَجْهُ الصَّحِيحِ أَنَّ الْعِتْقَ يَكُونُ بِلَا إعْتَاقٍ كَعِتْقِ الْقَرِيبِ بِالْوِرَاثَةِ وَسَبَبُ وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ الْعَقْدُ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: لِمُعْتِقٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ. . . إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ إعْتَاقُ الْمُسْلِمِ عَبْدَهُ الْحَرْبِيَّ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِإِعْتَاقِهِ بِالْقَوْلِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِالتَّخْلِيَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِيرُ مَوْلَاهُ لِثُبُوتِ الْعِتْقِ بِالْقَوْلِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ حَتَّى لَوْ خَرَجَا مُسْلِمَيْنِ لَا وَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إعْتَاقٌ) فِيهِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ بِمِلْكِ الْقَرِيبِ يَحْصُلُ الْعِتْقُ بِلَا إعْتَاقٍ وَكَذَا الِاسْتِيلَادُ (قَوْلُهُ: وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ ثُبُوتَ الْوَلَاءِ لِعَصَبَةِ الْمَوْلَى) يَعْنِي الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ) يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ قَضَاءُ دُيُونِهِ وَنَحْوِهَا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ انْفِرَادُهُ) الْأَوْلَى إفْرَادُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ عِتْقِهَا لِلْأَكْثَرِ) أَيْ مِنْ الْأَقَلِّ فَهُوَ شَامِلٌ لِلسِّتَّةِ فَمَا فَوْقَهَا فَقَوْلُهُ: أَيْ لِلْأَكْثَرِ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَاصِرٌ عَنْ إفَادَةِ مَتْنِهِ حُكْمَ السِّتَّةِ كَمَا فَوْقَهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى قَوْمِهِ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَإِنْ كَانَتْ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ عِتْقِ الْأُمِّ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: عَجَمِيٌّ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ) إنَّمَا فَرْضُهُ فِيمَنْ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِيَكُونَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهَا مِنْ الْعَرَبِ أَوْ غَيْرِهَا) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ وَضْعَ الْقُدُورِيِّ الْخِلَافَ فِي مُعْتَقَةِ الْعَرَبِ اتِّفَاقِيٌّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>