عَظِيمَةٌ يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ " جوال دوز " (لَا بِنَحْوِ إبْرَةٍ وَإِنْ تَعَمَّدَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى السِّلَاحِ (إلَّا أَنْ يَغْرِزَ الْإِبْرَةَ فِي مَقْتَلِهِ) أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَقْتُلُ بِغَرْزِ الْإِبْرَةِ فِيهِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْكَافِي (وَبِحَدِّ مَرٍّ) عُطِفَ عَلَى نَحْوِ مِسَلَّةٍ أَيْ يُقْتَصُّ أَيْضًا بِجُرْحِ حَدِّ مَرٍّ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ " كلنك " لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السِّلَاحِ (لَا ظَهْرِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا جَرَحَ وَجَبَ بِهِ الْقِصَاصُ (وَلَا عُودٍ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ خَنِقٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ النُّون مَصْدَرُ قَوْلِك خَنَقَهُ يَخْنُقُهُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ (أَوْ تَغْرِيقٍ أَوْ سَوْطٍ وَالَى فِي ضَرْبِهِ فَمَاتَ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ يَخْتَصُّ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ وَذَا بِأَنْ يُبَاشِرَ الْقَتْلَ بِآلَتِهِ وَهِيَ الْآلَةُ الْجَارِحَةُ لِأَنَّ الْجُرْحَ يَعْمَلُ فِي نَقْضِ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَغَيْرُهُ يَنْقُضُهَا بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَقِوَامُهَا بِالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ (كُلُّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَدِيدِ كَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْآنُكِ كَالْحَدِيدِ لَوْ) كَانَ (لَهُ حِدَّةٌ تَفَرُّقُ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي مَعْنَى السِّلَاحِ (رَمَاهُ بِمِقْدَارِ حَدِيدٍ يُقْتَلُ بِهِ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ (فَجَرَحَهُ أَوْ لَا فَمَاتَ مِنْهُ قُتِلَ كَذَا لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصَا رَأْسُهَا مُضَبَّبٌ بِالْحَدِيدِ وَقَدْ أَصَابَهُ الْحَدِيدُ فَجَرَحَهُ أَوْ لَا أَوْ ضَرَبَهُ بِقَدْرِ حَدِيدٍ أَوْ قَمْقَمَتِهِ أَوْ عَمُودِهِ فَمَاتَ مِنْهُ) كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا لَمْ يَجْرَحْ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا الْكَبِيرَةِ أَوْ الْحَجَرِ الْمُدَوَّرِ وَلَمْ يَجْرَحْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ قَاضِي خَانْ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْحَدِيدِ وَمَا يُشْبِهُهُ كَالنُّحَاسِ وَغَيْرِهِ لَا يُشْتَرَطُ الْجُرْحُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ
(قَتَلَ مَنْ لَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ فَلَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْوَلِيِّ (قَتْلُ الْقَاتِلِ قِصَاصًا) قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْقِصَاصِ (بِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قَتَلَ الْقَاتِلُ أَيْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ بِنَفْسِهِ الْقَاتِلَ (أَوْ أَمَرَ الْغَيْرَ بِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ (إذَا كَانَ الْأَمْرُ ظَاهِرًا) هَذَا قَيْدٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ يَعْنِي إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ وَكَانَ لَهُ وَلِيٌّ وَاحِدٌ جَازَ لَهُ قَتْلُ الْقَاتِلِ بِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَإِنْ اتَّفَقُوا كَانُوا كَالْوَاحِدِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الْقَتْلُ وَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَأْمُرَ آخَرَ بِقَتْلِهِ أَمَّا كَوْنُهُ قَيْدًا لِجَوَازِ الْقِصَاصِ لَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلِمَا مَرَّ فِي جَوَازِ الْقِصَاصِ بِجُرْحٍ ثَبَتَ عِيَانًا وَأَمَّا كَوْنُهُ قَيْدًا لِجَوَازِ الْأَمْرِ بِهِ فَلِأَنَّهُ لِمَا جَازَ لَهُ إنَابَةُ الْغَيْرِ مَنَابَهُ وَأَمَّا كَوْنُهُ قَيْدًا لِعَدَمِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فَلِأَنَّ جَوَازَ الْقَتْلِ لِظُهُورِ الْأَمْرِ يُنَافِي الضَّمَانَ (وَأَمَّا إذَا قَتَلَ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ (وَقَالَ الْوَلِيُّ أَمَرْته لَمْ يُصَدَّقْ وَيُقْتَلْ) الْأَجْنَبِيُّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَلَا بِنَحْوِ إبْرَةٍ وَإِنْ تَعَمَّدَ إلَّا أَنْ يَغْرِزَ الْإِبْرَةَ فِي مَقْتَلِهِ) هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى رِوَايَةٍ قَالَ فِي اخْتِيَارٍ رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ ضَرَبَ رَجُلًا بِإِبْرَةٍ وَمَا يُشْبِهُهُ عَمْدًا فَمَاتَ لَا قَوَدَ فِيهِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَنَحْوِهَا الْقَوَدُ لِأَنَّ الْإِبْرَةَ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْقَتْلُ وَيُقْصَدُ بِالْمَسْأَلَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إنْ غَرَزَ بِالْإِبْرَةِ فِي الْمَقْتَلِ قُتِلَ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ ضَرَبَ بِإِبْرَةٍ أَوْ بِشَيْءٍ يُشْبِهُ الْإِبْرَةَ مُتَعَمِّدًا فَقَتَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ضَرَبَهُ بِمِسَلَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْإِبْرَةَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ بِهَا الْقَتْلُ وَإِنْ كَانَتْ جَارِحَةً لِأَنَّهَا آلَةُ الْخِيَاطَةِ دُونَ الْقَتْلِ فَإِذَا تَمَكَّنَ شُبْهَةُ عَدَمِ الْقَصْدِ امْتَنَعَ وُجُوبُ مَا لَا يُجَامِعُ الشُّبْهَةَ وَأَمَّا الْمِسَلَّةُ فَهِيَ آلَةٌ جَارِحَةٌ يُقْصَدُ بِهَا الْقَتْلُ وَفَرَّقَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بَيْنَ مَا إذَا غَرَزَ بِإِبْرَةٍ فِي الْمَقْتَلِ أَوْ غَيْرِ الْمَقْتَلِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ ضَرَبَهُ بِإِبْرَةٍ وَطَعَنَ بِهَا فَأَلَحَّ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ قُتِلَ اهـ.
وَبِهَذَا تَعْلَمُ وَجْهَ اقْتِصَارِ قَاضِي خَانْ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ضَرَبَهُ بِإِبْرَةٍ مُتَعَمِّدًا أَوْ مَا أَشْبَهَ الْإِبْرَةَ فَمَاتَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ اهـ.
وَتَعْلَمُ أَيْضًا وَجْهَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْبَدَائِعِ مِنْ لُزُومِ الْقِصَاصِ بِالْقَتْلِ بِالْإِبْرَةِ عَمْدًا مُخَالِفًا لِقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ وَبِحَدِّ مَرٍّ) الْمَرُّ بِالْفَتْحِ الَّذِي يُعْمَلُ بِهِ فِي الطِّينِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ لَا ظَهْرُهُ) يَعْنِي وَلَمْ يَجْرَحْهُ وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ وَقَدَّمْنَا تَصْحِيحَهَا عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَرَحَ وَجَبَ الْقِصَاصُ ظَاهِرٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْجُرْحُ بِنَحْوِ مُثْقَلِ الْحَدِيدِ وَكَذَا عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ لِمَا عَلِمْت مِنْ تَصْحِيحِ الْقِصَاصِ فِي الْجُرْحِ بِنَحْوِ مُثْقَلِ الْحَدِيدِ (قَوْلُهُ وَلَا عُودٌ أَوْ مُثْقَلٌ) يَعْنِي مُثْقَلَ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ لَا مُثْقَلَ حَدِيدٍ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَالَهُ قَبْلَهُ وَبِحَدِّ مَرٍّ لَا ظَهْرِهِ لِأَنَّ ظَهْرَهُ مُثْقَلٌ وَلَكِنَّهُ مَعَ هَذَا يُنَاقِضُ مَا يَذْكُرُهُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَمَاهُ بِمِقْدَارِ حَدِيدٍ فَمَاتَ يُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ جَرَحَهُ أَوْ لَا وَدَفَعَ الْمُنَاقَضَةَ بِأَنَّهُ مَشَى فِي كُلٍّ عَلَى رِوَايَةِ وَلَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي فِي مِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ وَعَلِمْت التَّصْحِيحَ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ أَوْ خَنِقٍ) وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ مَصْدَرٌ أَيْ مَصْدَرُ خَنَقَهُ إذَا عَصَرَ حَلْقَهُ قَالَ الْفَارَابِيُّ وَلَا يُقَالُ بِالسُّكُونِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الْحَدِيدِ. . . إلَخْ) تَقْيِيدُهُ بِالْحَدِيدِ لَيْسَ لَازِمًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللِّيطَةَ وَمُحَدَّدَ الْخَشَبِ وَالْحَجَرِ وَكُلَّ مُفَرِّقٍ لِلْأَجْزَاءِ كَالْحَدِيدِ (قَوْلُهُ قَالَ قَاضِي خَانْ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. . . إلَخْ) قَدَّمَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَقَدَّمْنَا تَصْحِيحَ رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ
(قَوْلُهُ أَوْ أَمَرَ الْغَيْرَ بِهِ) يَعْنِي وَاقْتَصَّ الْغَيْرُ بِحُضُورِهِ لِمَا يَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute