للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِانْتِفَاءِ شَرْطِ جَوَازِ الْقَتْلِ وَهُوَ ظُهُورُ الْأَمْرِ (وَيَلِي الْقِصَاصَ مَنْ يَرِثُ) أَيْ كُلُّ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ فَلَهُ وِلَايَةُ الْقِصَاصِ (وَلَوْ) كَانَ (زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً كَذَا الدِّيَةُ) أَيْ يَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ كُلُّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ (وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاؤُهُ إذَا كَانُوا كِبَارًا حَتَّى يَجْتَمِعُوا) لِاحْتِمَالِ عَفْوِ الْغَائِبِ أَوْ صُلْحِهِ (وَيَسْتَوْفِي الْكَبِيرَ قَبْلَ كِبَرِ الصَّغِيرِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَا يَتَجَزَّأُ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ أَوْ الصُّلْحِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ

(وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَائِهِ) أَيْ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ) عَنْ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ وَشُبْهَةُ الْعَفْوِ ثَابِتَةٌ حَالَ غَيْبَتِهِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ لِلنَّدْبِ الشَّرْعِيِّ (قَتْلُ) رَجُلٍ (عَمْدًا رَجُلًا لَا وَلِيَّ لَهُ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ وَالصُّلْحُ) لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ (لَا الْعَفْوُ) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرَ الْعَامَّةِ (وَيُقِيدُ أَبُو الْمَعْتُوهِ قَاطِعَ يَدِهِ وَقَاتِلَ قَرِيبِهِ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ رَجَلٌ يَدَ الْمَعْتُوهِ عَمْدًا أَوْ قَتَلَ قَرِيبَهُ كَوَلَدِهِ فَأَبُو الْمَعْتُوهِ يُقِيدُ مِنْ جَانِبِهِ لِأَنَّ لِأَبِيهِ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ فَيَلِيهِمَا كَالْإِنْكَاحِ (وَيُصَالِحُ) لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لِلْمَعْتُوهِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ فَلَمَّا مَلَكَ الِاسْتِيفَاءَ فَلَأَنْ يَمْلِكَ الصُّلْحَ أَوْلَى هَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَإِلَّا لَا يَصِحُّ وَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَلَا بِعَفْوٍ) لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ وَلِلْوَصِيِّ الصُّلْحُ فَقَطْ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقِصَاصِ تَابِعَةٌ لِوِلَايَةِ النَّفْسِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَبِ (وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ وَالْقَاضِي كَالْأَبِ) فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ

(وَيَسْقُطُ قَوَدُ نَفْسٍ وَمَا دُونَهَا وَرِثَهُ عَلَى أَبِيهِ) بِأَنْ قَتَلَ أَبُوهُ أُمَّهُ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ يَدَهَا عَمْدًا لَا يَسْتَوْفِيهِ ابْنُهُ بَلْ يَسْقُطُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ (وَبِمَوْتِ الْقَاتِلِ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (وَبِعَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ وَصُلْحِهِمْ عَلَى مَالِ وَإِنْ قَلَّ) لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ فَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ كَيْفَ شَاءُوا (وَيَجِبُ حَالًّا) وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُلُولَ وَالتَّأْجِيلَ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ وَالْأَصْلُ فِي أَمْثَالِهِ الْحُلُولُ كَالْمَهْرِ وَالثَّمَنِ.

(وَ) يَسْقُطُ أَيْضًا (بِصُلْحِ أَحَدِهِمْ وَعَفْوِهِ) لِأَنَّ الْقَوَدَ إذَا ثَبَتَ لِلْجَمِيعِ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ الصُّلْحِ وَالْعَفْوِ وَمِنْ ضَرُورَةِ سُقُوطِ حَقِّ الْبَعْضِ فِي الْقَوَدِ سُقُوطُ حَقِّ الْبَاقِينَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ (وَلِلْبَاقِي حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ تَعَذَّرَ لِمَعْنًى فِي الْقَاتِلِ وَهُوَ ثُبُوتُ عِصْمَتِهِ بِعَفْوِ الْبَعْضِ فَيَجِبُ الْمَالُ كَمَا فِي الْخَطَأِ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْقِصَاصِ ثَمَّةَ لِمَعْنًى فِي الْقَاتِلِ وَهُوَ كَوْنُهُ خَاطِئًا وَلَا حِصَّةَ لِلْعَافِي لِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ

(صَالَحَ بِأَلْفٍ وَكِيلٌ وَوَلِيُّ عَبْدٍ وَحُرٍّ قَتَلَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ (بِالصُّلْحِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَكِيلٍ (عَنْ دَمِهِمَا) أَيْ الدَّمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا (بِهِ) أَيْ بِالْأَلْفِ (تَنَصَّفَ بَيْنَهُمَا الْأَلْفُ) يَعْنِي إنْ قَتَلَ حُرٌّ وَعَبْدٌ رَجُلًا عَمْدًا حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِمَا الدَّمُ فَوَكَّلَ الْحُرُّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ رَجُلًا أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَمِهِمَا عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ فَالْأَلْفُ عَلَى الْحُرِّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ نِصْفَانِ (وَيُقْتَلُ جَمْعٌ بِفَرْدٍ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا عَمْدًا يُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِهِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ جَوَازِ الْقَتْلِ وَهُوَ ظُهُورُ الْأَمْرِ) يَعْنِي أَمْرَ الْوَلِيِّ الْأَجْنَبِيِّ لَا أَمْرَ الْقَتْلِ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتْلَ ظَاهِرٌ اهـ.

وَلِذَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ ثُمَّ إذَا قَتَلَهُ الْمَأْمُورُ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَأَمَّا إذَا قَتَلَهُ وَالْأَمْرُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنْكَرَ وَلِيُّ هَذَا الْقَتِيلِ الْأَمْرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَتْلَ الْعَمْدَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْأَصْلِ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا إنَّمَا يَخْرُجُ بِالْأَمْرِ وَقَدْ كَذَّبَهُ وَلِيُّ هَذَا الْقَتِيلِ فِي الْأَمْرِ وَتَصْدِيقُ وَلِيِّ الْقِصَاصِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ بَعْدَ مَا بَطَلَ حَقُّهُ عَنْ الْقِصَاصِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَصَارَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ فَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ فَلَمْ يَثْبُتْ الْأَمْرُ فَبَقِيَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاؤُهُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي قَاضِي خَانْ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُوَكِّلَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ اهـ.

وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ الْكُلُّ حُضُورًا لَا يَجُوزُ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُوَكِّلَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا وَلِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ رَجَاءُ الْعَفْوِ مِنْهُ عِنْدَ مُعَايَنَةِ حُلُولِ الْعَقَبَةِ بِالْقَاتِلِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧] . اهـ.

وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ وَقَدْ ذَكَرْته لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنْبِيهِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَائِهِ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ) ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ يَنْدَرِئُ لِرُجُوعِهِ لِلْقِصَاصِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْأَبِ) الْمُرَادُ الِاخْتِصَاصُ النِّسْبِيُّ بِالنَّظَرِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لَا مُطْلَقًا لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ لِنَحْوِ الْعَصَبَةِ

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ حَالًّا) يَعْنِي إلَّا أَنْ يُؤَجِّلَهُ الْوَلِيُّ أَجَلًا مَعْلُومًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ وَيُقْتَلُ جَمْعٌ بِفَرْدٍ) هَذَا إذَا بَاشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ جُرْحًا قَاتَلَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَتَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ الْجَوَاهِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>