للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلِيلُ طَهَارَتِهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا تَظْهَرُ إلَّا فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَحَالَةُ الْوُقُوعِ تَغَايُرُهَا.

(وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ غَيْرُ مُبْتَذَلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ مُهَانًا مُبْتَذَلًا (كَذَا) أَيْ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ (الِانْتِفَاعُ بِهِ) لِمَا ذُكِرَ.

(وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ» وَهُوَ غَيْرُ الْمَدْبُوغِ مِنْهُ (وَيُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ طَهُرَ بِالدِّبَاغِ (كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَقَرْنِهَا) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ لِعَدَمِ حُلُولِ الْحَيَاةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ (وَالْفِيلُ كَالسَّبُعِ) حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ عَظْمِهِ وَالِانْتِفَاعُ بِعَظْمِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ نَجَسُ الْعَيْنِ.

. (وَ) فَسَدَ أَيْضًا بَيْعُ (زَيْتٍ عَلَى أَنْ يُوزَنَ بِظَرْفِهِ وَيُطْرَحَ عَنْهُ بِكُلِّ ظَرْفٍ كَذَا رِطْلًا بِخِلَافِ شَرْطِ طَرْحِ وَزْنِ الظَّرْفِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَزْنُ الظَّرْفِ، فَإِذَا طَرَحَ كَذَا رِطْلًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ (إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّ وَزْنَهُ كَذَا رِطْلًا) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

(اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ) يَعْنِي اشْتَرَى سَمْنًا فِي زِقٍّ وَرَدَّ الظَّرْفَ فَوَزَنَ فَجَاءَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ (فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِي تَعْيِينِ الزِّقِّ الْمَقْبُوضِ أَوْ مِقْدَارِ السَّمْنِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَالْمُشْتَرِي قَابِضٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ كَالْغَاصِبِ أَوْ أَمِينًا كَالْمُودَعِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ السَّمْنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ.

(وَشِرَاءُ مَا بَاعَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبَيْعُ عَرْضٍ أَيْ فَسَدَ شِرَاءُ مَا بَاعَ (بِالْأَقَلِّ) أَيْ بِأَقَلِّ مِمَّا بَاعَ (قَبْلَ النَّقْدِ) أَيْ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ حَالَّةٍ أَوْ نَسِيئَةٍ فَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِخَمْسِمِائَةٍ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَسَدَ الْبَيْعُ الثَّانِي.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ تَمَّ فِيهَا بِالْقَبْضِ فَصَارَ الْبَيْعُ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرِهِ سَوَاءً وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ أَوْ بِالْعَرْضِ، وَلَنَا أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَقِيَ لَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَهُوَ بِلَا عِوَضٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالْعَرْضِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمُجَانِسَةِ (بِخِلَافِ مَا ضُمَّ إلَيْهِ) .

(وَبَيْعُ الْمَجْمُوعِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِهِ) صُورَتُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا وَأُخْرَى مَعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِخَمْسِمِائَةِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْبَائِعِ وَصَحِيحٌ فِي الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْأُخْرَى بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي صَاحِبَتِهَا وَلَا يَشِيعُ الْفَسَادُ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا فَلَوْ اُعْتُبِرَتْ فِيمَا ضُمَّتْ إلَيْهَا كَانَ اعْتِبَارًا لِشُبْهَةِ الشُّبْهَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ.

(صَحَّ بَيْعُ الطَّرِيقِ حُدَّ) أَيْ بُيِّنَ لَهُ طُولٌ وَعَرْضٌ (أَوْ لَا) أَيْ لَمْ يُحَدَّ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ يُقَدَّرُ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى، كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَكُونُ عَيْنًا مَعْلُومًا فَيَصِحُّ بَيْعُهُ (وَهِبَتُهُ) .

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة الطُّرُقُ ثَلَاثَةٌ: طَرِيقٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ. وَطَرِيقٌ إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ. وَطَرِيقٌ خَاصٌّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ. فَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) أَقُولُ بَيْعُهُ بَاطِلٌ كَرَجِيعِهِ فِي الْأَصَحِّ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ التُّرَابُ أَوْ السِّرْقِينُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ: وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ) أَقُولُ الْأَظْهَرُ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ: وَالْفِيلُ كَالسَّبُعِ) يَعْنِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِالْعَرَضِ) أَقُولُ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ هُنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِالدَّرَاهِمِ فَاشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ وَقِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَجَازَ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>