للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِنْسَانِ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ إمَّا نَصًّا أَوْ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ أَوْ الْمَرَافِقِ وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ (لَا بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ) لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ إذْ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ مِنْ الْمَاءِ (وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا) لِلْأَرْضِ (بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ) وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ وَصَحَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِالِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ (وَالشِّرْبُ كَذَلِكَ) أَيْ صَحَّ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَجُزْ فِي أُخْرَى وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ (لَا بَيْعُ حَقِّ التَّسْيِيلِ وَهِبَتُهُ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ مَجْهُولًا لِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَحَقِّ التَّعَلِّي أَنَّ حَقَّ التَّعَلِّي يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ لَا تَبْقَى وَهِيَ الْبِنَاءُ فَأَشْبَهَ الْمَنَافِعَ وَحَقَّ الْمُرُورِ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنٍ تَبْقَى وَهِيَ الْأَرْضُ فَأَشْبَهَ الْأَعْيَانَ.

(وَلَا) الْبَيْعُ (إلَى النَّيْرُوزِ) مُعَرَّبُ نَوْرُوزٍ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ الرَّبِيعِ (وَالْمِهْرَجَانِ) وَهُوَ الْخَرِيفُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ النَّيْرُوزَ مُخْتَلَفٌ بَيْنَ نَيْرُوزِ السُّلْطَانِ وَنَيْرُوزِ الدَّهَّاقِينَ وَنَيْرُوزِ الْمَجُوسِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.

(وَ) إلَى (صَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إذَا لَمْ يَعْرِفَاهُ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ خُصُوصَ الْيَوْمِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ، فَإِذَا عَرَفَاهُ جَازَ (بِخِلَافِ فِطْرِ النَّصَارَى بَعْدَمَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُ بِالْأَيَّامِ مَعْلُومَةٌ وَهِيَ خَمْسُونَ يَوْمًا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ (وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَطْعُ الزَّرْعِ (وَالدِّيَاسِ) وَهُوَ أَنْ يُوطَأَ الطَّعَامُ بِقَوَائِمِ الدَّوَابِّ أَوْ نَحْوِهَا (وَالْقِطَافِ) قَطْعُ الْعِنَبِ (وَالْجِدَادِ) قَطْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالصُّوفِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ (وَيَكْفُلُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُتَحَمَّلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ يَسِيرَةٌ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - فِي أَنَّهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ أَوْ لَا (وَصَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ (إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ) لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ؛ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلُ الدَّيْنِ، وَالْجَهَالَةُ فِي الدُّيُونِ مُتَحَمَّلَةٌ (وَبِشَرْطِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَى النَّيْرُوزِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ (لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (وَالْمَبِيعُ يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ النَّفْعَ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا، وَإِنَّمَا فَسَدَ الْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُمَا إذَا قَصَدَا الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ فَقَطْ خَلَا الشَّرْطُ عَنْ الْعِوَضِ، وَقَدْ وَجَبَ بِالْبَيْعِ بِالشَّرْطِ فِيهِ فَكَانَ زِيَادَةً مُسْتَحَقَّةً بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ خَالِيَةً عَنْ الْعِوَضِ فَيَكُونُ رِبًا وَكُلُّ عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ الرِّبَا يَكُونُ فَاسِدًا (كَشَرْطِ أَنْ يَقْطَعَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ وَهُوَ ثَوْبٌ (الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَبَاءً) فَإِنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا (أَوْ) كَشَرْطِ (أَنْ يَحْذُوَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ وَهُوَ صَرْمٌ (نَعْلًا) يُقَالُ حَذَا لِي نَعْلًا أَيْ عَمِلَهَا (أَوْ) كَشَرْطِ (أَنْ يُشَرِّكَهَا) أَيْ النَّعْلَ مِنْ التَّشْرِيكِ أَيْ يَضَعَ عَلَيْهَا الشِّرَاكَ وَهُوَ سَيْرُهَا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ، كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (وَصَحَّ) الْبَيْعُ (فِي النَّعْلِ) اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فِيهِ فَصَارَ كَصَبْغِ الثَّوْبِ (أَوْ) كَشَرْطِ (أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ وَهُوَ عَبْدٌ هَذَا نَظِيرُ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا قَالَ (شَهْرًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَالطَّرِيقَانِ الْآخَرَانِ يَدْخُلَانِ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُدَافِعُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الطَّرِيقَ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ نَحْوِ كُلِّ حَقٍّ وَلَا يَكُونُ إلَّا فِي طَرِيقِ خَاصٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي) لَعَلَّهُ كَحَقِّ التَّعَلِّي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْجِدَادِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ بِالنَّخْلِ وَبِالْمُعْجَمَةِ عَامٌّ فِي قَطْعِ الثِّمَارِ وَالْجِزَازِ بِالزَّايِ جَزُّ الصُّوفِ (قَوْلُهُ صَحَّ بَيْعُ الطَّرِيقِ) يُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَسِيلِ الْمَاءِ وَهِبَتُهُ وَلَا بَيْعُ الطَّرِيقِ بِدُونِ الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشِّرْبِ وَقَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي جَائِزٌ اهـ.

وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ. (قَوْلُهُ:.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة. . . إلَخْ) لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا.

(قَوْلُهُ: فَالطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ. . . إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَمْلِكُ الْمُرُورَ فِيهِ إلَّا بِالْإِبَاحَةِ وَلَيْسَتْ لَازِمَةً لِلتَّمْلِيكِ، فَإِنْ أُرِيدَ إحَاطَةُ مِلْكِ إنْسَانٍ بِهَا صَحَّ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ.

الْبَيْعُ (إلَى النَّيْرُوزِ) .

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ) يَعْنِي إنْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَيَنْفَرِدُ بِإِسْقَاطِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي، وَقَوْلُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَقَعَ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>