نَفْسِ السِّجِلِّ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَعَلَى قَصْرِ يَدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ كَذَا مَا سِوَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ الْمُرَادُ بِمَا سِوَاهُمَا الْمَحَاضِرُ وَالسِّجِلَّاتُ وَالصُّكُوكُ فَإِنَّ فِي كُلٍّ مِنْهَا تَجِبُ الشَّهَادَةُ عَلَى مَضْمُونِ الْمَكْتُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهَا كَوْنُهُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَكَالَةِ وَالشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا حُصُولُ الْعِلْمِ لِلْقَاضِي وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ كَوْنُ شُهُودِ الطَّرِيقِ كُفَّارًا، وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ كَافِرًا (قَبَضَ كُلَّ الْمَبِيعِ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ قَدْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ (فَإِنْ أَوْرَثَ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْبَعْضِ (الْعَيْبَ فِي الْبَاقِي أَوْ كَانَ) الْمُسْتَحِقُّ (شَيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ) كَالسَّيْفِ بِالْغِمْدِ وَالْقَوْسِ بِالْوَتَرِ (خُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (فِيهِ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُورِثْ عَيْبًا فِي الْبَاقِي وَلَمْ يَكُنْ شَيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الْبَاقِي الْمُشْتَرِيَ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) تَوْضِيحُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا بَطَلَ فِي قَدْرِ الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ مَا اسْتَحَقَّ يُورِثُ الْعَيْبَ فِي الْبَاقِي، كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ رَضِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ وَفِي الْحُكْمِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُ مَا اسْتَحَقَّ لَا يُورِثُ عَيْبًا فِي الْبَاقِي، كَمَا إذَا كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ صُبْرَةَ حِنْطَةٍ أَوْ حَمْلَةَ وَزْنِيٍّ فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي تَبْعِيضِهِ فَلَزِمَ الْبَاقِي الْمُشْتَرِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ (أَوْ بَعْضِهِ) عَطْفٌ عَلَى كُلِّ الْمَبِيعِ (فَاسْتَحَقَّ الْمَقْبُوضَ أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمَقْبُوضِ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْبَعْضَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا بَطَلَ فِي الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ فِي صُورَةِ قَبْضِ الْكُلِّ (وَخُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (فِي الْبَاقِي) سَوَاءٌ (أَوْرَثَ) اسْتِحْقَاقُ الْبَعْضِ (الْعَيْبَ فِيهِ أَوْ لَا) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ التَّمَامِ.
(ادَّعَى حَقًّا) مَجْهُولًا (فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ) كَمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا (فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ (لَمْ يَرْجِعْ) صَاحِبُ الدَّارِ (بِشَيْءٍ) مِنْ الْبَدَلِ (عَلَى الْمُدَّعِي) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) اسْتَحَقَّ (كُلَّهَا) أَيْ كُلَّ الدَّارِ (رَدَّ كُلَّ الْعِوَضِ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ فَيَرُدُّ (وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ الدَّارَ كُلَّهَا (فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ) كَمِائَةٍ (فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ (رَجَعَ بِحِصَّتِهِ) لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيُرَدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ (صَالَحَ عَنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَهَا) أَيْ الدَّرَاهِمَ (فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الدَّرَاهِمُ (بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدَّنَانِيرِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي مَعْنَى الصَّرْفِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ بَطَلَ الصُّلْحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ.
(جَازَ إعْتَاقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ) يَعْنِي لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا أَوْ بَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْغَاصِبِ جَازَ عِتْقُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ إذْ لَا عِتْقَ بِدُونِ الْمِلْكِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَلَوْ أَفَادَ يَثْبُتُ مُسْتَنَدًا وَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَالْمُصَحِّحُ لَهُ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لِلْحَدِيثِ وَلَهُمَا أَنَّ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: جَازَ إعْتَاقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ) كَذَا لَوْ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَكَذَا وَقْفُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَاةِ مِنْ غَاصِبِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute