إلَى حَقِّهِ بِدُونِ الْبَيْعِ وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُشْتَرِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ (بِيعَ الْعَبْدُ) وَأَدَّى الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ظَهَرَ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فَيَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ يَبِيعُهُ الْقَاضِي كَالرَّاهِنِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا يَبِيعُ الْقَاضِي الرَّهْنَ وَيَقْضِي الدَّيْنَ.
(وَإِنْ اشْتَرَيَا) أَيْ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ (وَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَاضِرِ دَفْعُ كُلِّ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (وَحَبْسُهُ حَتَّى يَنْقُدَ شَرِيكُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مُضْطَرِبٌ فِي الدَّفْعِ إذْ لَا يُمْكِنْهُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ وَالْمُضْطَرِبُ يَرْجِعُ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ عَنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا قَضَى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (بَاعَ) شَيْئًا (بِأَلْفِ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ تَنَصَّفَا) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (بِهِ) أَيْ بِالْمِثْقَالِ بِأَنْ يَجِبَ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ وَخَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الْفِضَّةِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِثْقَالَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ.
(وَ) بَاعَ شَيْئًا (بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَنَصَّفَا) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (بِمِثْقَالٍ وَدِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ) أَيْ يَجِبُ مِنْ الذَّهَبِ مَثَاقِيلُ وَمِنْ الْفِضَّةِ دَرَاهِمُ وَزْنُ سَبْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَلْفَ إلَيْهِمَا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَبَضَ زَيْفًا عَنْ جَيِّدٍ بِلَا عِلْمٍ وَتَلِفَ أَوْ أُتْلِفَ كَانَ قَضَاءً) يَعْنِي إذَا كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَقَضَاهُ زُيُوفًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَأَنْفَقَهَا أَوْ هَلَكَتْ فَهُوَ قَضَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِجِيَادِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْوَصْفِ مَرْعِيٌّ كَحَقِّهِ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهُ بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْوَصْفِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهِ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا قُلْنَا وَلَهُمَا أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَوْ تَجُوزُ بِهِ فِيمَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ جَازَ فَيَقَعُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ وَلَا يَبْقَى حَقُّهُ إلَّا فِي الْجُودَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهَا بِإِيجَابِ ضَمَانِهَا لِمَا مَرَّ وَلَا بِإِيجَابِ ضَمَانِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ، كَذَا فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا فِي الشَّرْعِ كَثِيرٌ فَإِنَّ جَمِيعَ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّهَا إيجَابُ ضَرَرٍ قَلِيلٍ لِأَجْلِ نَفْعٍ كَثِيرٍ أَقُولُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ تَكَالِيفِ الشَّرْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَإِنَّ الضَّرَرَ فِيهَا دُنْيَوِيٌّ وَالنَّفْعَ أُخْرَوِيٌّ وَلَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ تَرْكُ النَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الضَّرَرَ وَالنَّفْعَ فِيهِ دُنْيَوِيَّانِ وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ تَرْكُ النَّفْعِ الدُّنْيَوِيِّ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَلِهَذَا جَازَ التَّجَوُّزُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَبِالْعُثُورِ عَلَى صُدُورِ أَمْثَالِ هَذَا عَنْ هَذَا الْفَاضِلِ يَتَبَادَرُ إلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَثِيرٌ مَا يَغْفُلُ عَنْ دَقَائِقِ هَذَا الْفَنِّ.
(أَفْرَخَ طَيْرٌ أَوْ بَاضَ أَوْ تَكَنَّسَ ظَبْيٌ فِي أَرْضِهِ) قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ (كَانَ) كُلٌّ مِنْ الْفَرْخِ وَالْبِيضِ وَوَلَدِ الظَّبْيَةِ (لِلْآخِذِ) لَا لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ (كَصَيْدٍ تَشَبَّثَ بِشَبَكَةٍ نُصِبَتْ لِلْجَفَافِ وَدِرْهَمٍ أَوْ سُكَّرٍ نُثِرَ فَوَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ لَمْ يُعَدَّ لَهُ) أَيْ سَابِقًا (وَلَمْ يَكْفِ) أَيْ لَاحِقًا حَتَّى إذَا عُدَّ الثَّوْبُ لِذَلِكَ فَهُوَ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعَدْ لَكِنْ لَمَّا وَقَعَ فِيهِ كَفُّهُ صَارَ بِهَذَا الْفِعْلِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا عَسَلَ النَّحْلُ فِي أَرْضِهِ لِأَنَّهُ عُدَّ مِنْ إنْزَالِهِ بِتَمَلُّكِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ كَالشَّجَرِ النَّابِتِ فِيهَا وَالتُّرَابِ الْمُجْتَمَعِ فِيهَا بِجَرَيَانِ الْمَاءِ.
(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) هَاهُنَا أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ: كَالرَّاهِنِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا) كَذَا لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا قَبْلَ الْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُضْطَرَبُ يَرْجِعُ) يُشِيرُ إلَى مَا لَوْ كَانَا مُسْتَأْجِرَيْنِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَنَقَدَ الْآخَرُ كُلَّ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُضْطَرٍّ فِي نَقْدِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ إذْ لَيْسَ لِلْأَجِيرِ حَبْسُ الدَّارِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ، كَذَا عَنْ الْعِنَايَةِ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُؤَجِّرُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ شَيْئًا بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَنَصَّفَا. . . إلَخْ)
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ ثُلُثُهُ أَيْ الْكُرِّ وَهَذَا قَاعِدَتُهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كُلِّهَا كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ وَالْإِجَارَةِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَقُولُ هَذَا بِاعْتِبَارِ زَمَانِهِمْ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَأَمَّا الْآنَ فَالْقِصَّةُ لَيْسَ فِيهَا دَرَاهِمُ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَهِيَ قِطَعٌ صِغَارٌ كُلُّ أَرْبَعَةٍ وَزْنَ دِرْهَمٍ تُسَمَّى أَنْصَافًا وَنَوْعٌ يُسَمَّى قِرْشًا كُلِّيًّا يَبْلُغُ ثَلَاثِينَ نِصْفًا فِضَّةً وَآخَرَ يُسَمَّى رِيَالًا وَآخَرُ بُنْدُقِيًّا وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ وَزْنًا وَمَالِيَّةً وَأَيْضًا الذَّهَبُ مُخْتَلِفٌ مَالِيَّةً بِالدِّينَارِ وَبِالْبُنْدُقِيِّ وَالشَّرِيفِيِّ وَالْإِبْرَاهِيمِيّ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِإِطْلَاقِ الشِّرَاءِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِهَذَا (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ مِثْلَ زُيُوفِهِ وَيَرْجِعُ بِجِيَادِهِ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْحَقَائِقِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ حَسَنٌ دَفْعًا لِلضَّرَرِ فَاخْتَرْنَاهُ لِلْفَتْوَى، كَذَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ أَفْرَخَ طَيْرًا أَوْ بَاضَ أَوْ تَكَنَّسَ ظَبْيٌ فِي أَرْضِهِ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَهِيَ غَيْرُ مُعَدَّةٍ لِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ مُهَيَّأَةً لَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَسَلَ النَّحْلُ فِي أَرْضِهِ. . . إلَخْ) يَعْنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ مُعَدَّةً لِذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) .
(قَوْلُهُ: هَهُنَا أَصْلَانِ. . . إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ