للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذِبًا لَا يَكُونُ صِدْقًا لِفَوَاتِ الشَّرْطِ وَلَا بِالْعَكْسِ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيقُ فِي الْإِيجَابِ لِيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاقِعٍ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ (وَالْوَقْفُ) فَإِنَّ فِيهِ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ (وَالتَّحْكِيمُ) فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ.

(وَمَا لَا يَبْطُلُ بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ (الْقَرْضُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ وَالرَّهْنُ وَالْإِيصَاءُ وَالْوَصِيَّةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالْكِتَابَةُ - إلَّا إذَا كَانَ الْفَاسِدُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) صُلْبُ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَقِيَامُ الْبَيْعِ بِالْعِوَضَيْنِ فَكُلُّ فَسَادٍ يَكُونُ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ يَكُونُ فَسَادًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْكِتَابَةُ إنَّمَا لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْمُفْسِدِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُعَامِلَ فُلَانًا فَإِنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ دَاخِلًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَاتَبَهُ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهَا تَفْسُدُ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ فَلِشَبَهِهَا بِالْبَيْعِ تَفْسُدُ إذَا كَانَ الْمُفْسِدُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَلِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الزَّائِدِ أَقُولُ بِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَ فِي الأسروشنية وَالْعِمَادِيَّةِ أَوَّلًا أَنَّ تَعْلِيقَ الْكِتَابَةِ بِالشَّرْطِ لَا يَجُوزُ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْفَاسِدِ فِي صُلْبِ الْعَقْدُ، وَمَا قَالَا ثَانِيًا أَنَّ الْكِتَابَةَ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَغَيْرَ مُتَعَارَفٍ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الشَّرْطِ زَائِدًا لَيْسَ مَعَهُ فَسَادٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا قَيَّدَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ بِالْفَاسِدِ دُونَ الثَّانِي فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَصَلِّفِينَ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَتِمُّ عَلَى إطْلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْمَدِينَةِ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ تَبْطُلْ الْكِتَابَةُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ (وَإِذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ) بِأَنْ يَأْذَنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُوَقِّتَ بِشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى إنْ كَانَ لِهَذِهِ الْأَمَةِ حَمْلٌ فَهُوَ مِنِّي (وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) وَكَذَا الْإِبْرَاءُ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ اكْتِفَاءً بِالصُّلْحِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا كَثِيرُ فَرْقٍ فَإِنَّ الْوَلِيَّ إذَا قَالَ لِلْقَاتِلِ عَمْدًا أَبْرَأْت ذِمَّتَك عَلَى أَنْ لَا تُقِيمَ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ مَثَلًا أَوْ صَالَحَ مَعَهُ عَلَيْهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَالصُّلْحُ وَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ (وَعَنْ الْجِرَاحَةِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ) فَإِنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ عَنْ الْقَتْلِ الْخَطَأِ أَوْ الْجِرَاحَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْشُ كَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

(وَ) الصُّلْحُ (عَنْ جِنَايَةِ الْغَصْبِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ.

(وَ) جِنَايَةِ (الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ إذَا ضَمِنَهَا) أَيْ مُوجِبَاتِ الصُّلْحِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ (رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا كَفَالَةً أَوْ حَوَالَةً) فَإِنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ (وَعَقْدُ الذِّمَّةِ) فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا فَتَحَ بَلْدَةً وَأَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَشَرَطُوا مَعَ الْإِمَامِ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِطَرِيقِ الْإِهَانَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْرُوعُ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ.

(وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: إنْ لَمْ أَرُدَّ هَذَا الثَّوْبَ الْمَعِيبَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَقَدْ رَضِيتُ بِالْعَيْبِ وَكَذَا الرَّدُّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ كَأَنْ يَقُولَ أَبْطَلْتُ خِيَارِي غَدًا وَلَهُ الْخِيَارُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجُحُودِ أَوْ دَعْوَى الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ اهـ. وَقَالَ الْعِمَادِيُّ وَفِي تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالشَّرْطِ رِوَايَتَانِ.

(قَوْلُهُ: وَالتَّحْكِيمُ) هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إطْلَاقَ الْوِلَايَةِ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(وَمَا لَا يَبْطُلُ بِهِ) (قَوْلُهُ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ) أَيْ بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ بِأَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى. . . إلَخْ) لَيْسَ هَذِهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ صَحِيحًا تَصْوِيرًا لَهَا فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَدَّمَ فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ صِحَّةَ دَعْوَةِ الْوَلَدِ مُعَلَّقًا بِكَوْنِهِ فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ فَالْوَجْهُ إنْ تَصَوَّرَ بِمَا قَالَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي إنْ رَضِيَتْ زَوْجَتِي بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْغَصْبِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ كَذَا ذَاتُ الْغَصْبِ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ جِنَايَةَ الْغَصْبِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مُوجِبَاتُ الصُّلْحِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ) جَعَلَهَا صُورَةً وَاحِدَةً لِكَوْنِهَا مِنْ مَدْخُولِ الصُّلْحِ لِيَصْلُحَ الْعَدَدُ سِتٌّ وَعِشْرُونَ وَهَكَذَا عَدُّهَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>