للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَتَسْتَقِرُّ) عَطْفٌ عَلَى تَثْبُتُ أَيْ تَسْتَقِرُّ الشُّفْعَةُ (بِالْإِشْهَادِ) إذْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ ضَعِيفٌ يَبْطُلُ بِالْإِعْرَاضِ، فَإِذَا أَشْهَدَ ابْتِدَاءً عَلَى طَلَبِهَا تَيَسَّرَ أَخْذُ الْمَقْصُودِ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَلَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ إلَى الْيَمِينِ عَلَى مَا سَيَأْتِي (وَيُمْلَكُ) أَيْ الْعَقَارُ وَمَا فِي حُكْمِهِ (بِالْقَضَاءِ أَوْ الْأَخْذِ بِالرِّضَا) بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ وَيُمْلَكُ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَصَرَّحَ شَارِحَاهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَطْفٌ عَلَى الْأَخْذِ لَا عَلَى التَّرَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَلَمَّا كَانَ عِبَارَةُ الْمَتْنَيْنِ مُوهِمَةً لِعَطْفٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى التَّرَاضِي بَلْ ظَاهِرُهُ فِيهِ غَيْرُ الْعِبَارَةِ إلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهَا ثُمَّ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ قَبْلَ أَخْذِهِ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي كَأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ وَتُمْلَكُ بِالْأَخْذِ إذَا سَلَّمَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ حَكَمَ بِهَا حَاكِمٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ حَكَمَ عَطْفٌ عَلَى سَلَّمَ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَخْذُ مُعْتَبَرًا فِي كُلٍّ مِنْ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي وَحُكْمِ الْقَاضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الثَّانِي -

(وَيَطْلُبُهَا) أَيْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَبَ هَاهُنَا ثَلَاثَةٌ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبُ الْإِشْهَادِ وَالتَّقْرِيرِ وَطَلَبُ الْأَخْذِ وَالتَّمَلُّكِ ذَكَرَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ وَيَطْلُبُهَا الشَّفِيعُ (فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ بِسَمَاعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعِلْمِ (مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ) وَقَالَا: يَكْفِي وَاحِدٌ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً إذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا (وَإِنْ امْتَدَّ) أَيْ الْمَجْلِسُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ التَّمَلُّكِ اُحْتِيجَ إلَى زَمَانِ التَّأَمُّلِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ فَلَوْ قَالَ بَعْدَمَا بَلَغَهُ الْبَيْعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ حَمْدٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ جَوَارِ الْبَائِعِ مِنْ الْأَمْنِ مِنْ ضَرَرِ الدَّخِيلِ بِالشُّفْعَةِ وَالثَّانِي تَعَجُّبٌ مِنْهُ بِقَصْدِ إضْرَارِهِ وَالثَّالِثُ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ كَمَا هُوَ عُرْفُ بَعْضِ النَّاسِ فَلَا يَدُلُّ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى الْإِعْرَاضِ (بِلَفْظٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيُبْطِلُهَا (يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُهَا) كَطَلَبْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَنَا طَالِبُهَا أَوْ أَطْلُبُهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعْنَى وَفِي الْعُرْفِ يُرَادُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطَّلَبُ لِلْحَالِ لَا الْخَبَرُ عَنْ أَمْرٍ مَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ حَتَّى قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إذَا سَمِعَ بِبَيْعِ أَرْضٍ بِجَنْبِ أَرْضِهِ فَقَالَ شُفْعَةً شُفْعَةً كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ طَلَبًا كَذَا فِي الْكَافِي -

(وَقِيلَ تَبْطُلُ بِأَدْنَى سُكُوتٍ) حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِكِتَابٍ وَالشُّفْعَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَقَرَأَ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ قَالَ فِي الْإِيضَاحِ الْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَيُسَمَّى) هَذَا الطَّلَبُ (طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ) لِيَدُلَّ عَلَى غَايَةِ التَّعْجِيلِ كَأَنَّ الشَّفِيعَ يَثِبُ وَيَطْلُبُ الشُّفْعَةَ وَالْإِشْهَادُ فِيهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَإِنَّمَا الْإِشْهَادُ لِمَخَافَةِ الْجُحُودِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَسَيَأْتِي لَهُ زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (ثُمَّ يُشْهِدُ عِنْدَ الدَّارِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ مُتَعَلِّقٌ بِهَا (أَوْ عَلَى الْبَائِعِ) إنْ كَانَ الدَّارُ فِي يَدِهِ لَمْ تُسَلَّمْ إلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهَا إذَا سُلِّمَتْ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا إذْ لَا يَدَ لَهُ وَلَا مِلْكَ (أَوْ الْمُشْتَرِي) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا يَدٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ (قَائِلًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُشْهِدُ (اشْتَرَى فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ وَأَنَا شَفِيعُهَا وَكُنْتُ طَلَبْتُ الشُّفْعَةَ وَطَلَبْتُهَا الْآنَ فَاشْهَدُوا عَلَيْهِ وَيُسَمَّى طَلَبَ إشْهَادٍ) وَهَذَا الطَّلَبُ وَاجِبٌ حَتَّى إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّارِ أَوْ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَمْ يَشْهَدْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، فَإِذَا كَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ فَسَمِعَ فَطَلَبُ مُوَاثَبَةٍ وَعَجَزَ عَنْ طَلَبِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّارِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَيَطْلُبُهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ إلَخْ) هَذَا عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَبِهَا أَخَذَ الْكَرْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِعِلْمِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ هُنَيْهَةً بِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَمْ يَطْلُبْ أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَغْوٍ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ الْبَيْعُ الْحَمْدُ لِلَّهِ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى رِوَايَةِ إثْبَاتِ الْخِيَارِ وَإِنْ طَالَ الْمَجْلِسُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَبْطُلُ بِأَدْنَى سُكُوتٍ) عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي ضَعْفَهُ وَعَلِمْت أَنَّ أَكْثَرَ الْمَشَايِخِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ بِأَدْنَى سُكُوتٍ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِيهِ زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ) الَّذِي سَيَأْتِي لَا تَحْقِيقَ فِيهِ بَلْ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ، فَإِنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا إذَا سُلِّمَتْ إلَيْهِ) يَعْنِي إلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) يَعْنِي عَلَى الْبَائِعِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَالنَّاطِفِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي الْمَوَاهِبِ وَقِيلَ مُطْلَقًا يَعْنِي يُشْهِدُ عَلَيْهِ يَعْنِي الْبَائِعَ وَلَوْ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: قَائِلًا اشْتَرَى فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْ تَعْرِيفِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشِيرُ إلَى الدَّارِ، وَالْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ حُدُودَهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا بُدَّ وَأَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ شَفِيعٌ بِالشَّرِكَةِ أَوْ بِالْجِوَارِ أَوْ بِالْحُقُوقِ وَيُبَيِّنَ الْحُدُودَ لِتَصِيرَ مَعْلُومَةً اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الدَّارِ. . . إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى تَقْدِيرِ مُدَّةِ هَذَا الطَّلَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى ذِي الْيَدِ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْبَائِعُ خَصْمًا عِنْدَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا قَدَّمَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ يَكُونُ خَصْمًا اسْتِحْسَانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>