للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ عَلَى ذِي الْيَدِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا إنْ وُجِدَ وَأَلَّا يُرْسِلَ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، فَإِذَا حَضَرَ طَلَبَ، وَإِنْ وَجَدَ وَلَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (وَإِذَا شَهِدَ فِي الْأَوَّلِ) يَعْنِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ (عِنْدَ أَحَدِهَا) أَيْ عِنْدَ الدَّارِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي (اسْتَغْنَى عَنْهُ) أَيْ مِنْ الْإِشْهَادِ فِي الثَّانِي لِقِيَامِهِ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ نَقَلَهُ فِي الْكَافِي عَنْ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا قَالَ عِنْدَ أَحَدِهَا؛ لِأَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى مُجَرَّدِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ بِلَا حُضُورِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ بِلَا خَفَاءٍ -

(ثُمَّ يَطْلُبُ عِنْدَ قَاضٍ قَائِلًا اشْتَرَى فُلَانٌ دَارَ كَذَا وَأَنَا شَفِيعًا بِدَارِ كَذَا فَمُرْهُ يُسَلِّمُ إلَيَّ وَيُسَمِّي طَلَبَ تَمْلِيكٍ وَخُصُومَةٍ وَبِتَأْخِيرِهِ مُطْلَقًا) أَيْ شَهْرًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ (لَا تَبْطُلُ) أَيْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا تَرَكَهُ شَهْرًا بِلَا عُذْرٍ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بَطَلَتْ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَسْقُطْ بِهِ تَضَرَّرَ الْمُشْتَرِي إذْ لَا يُمْكِنُهُ التَّصَرُّفُ حِذَارَ نَقْضِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ فَقُدِّرَ بِشَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ آجِلٌ وَمَا دُونَهُ عَاجِلٌ كَمَا مَرَّ فِي الْإِيمَانِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى هَذَا لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي قَصْدِ الْإِضْرَارِ بِالْغَيْرِ وَاخْتَارَهُ فِي الْوِقَايَةِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ شَرْعًا فَلَا يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهَا بِلِسَانِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الضَّرَرِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِأَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَأْمُرَ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ فَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ الْمُضِرُّ بِنَفْسِهِ (وَبِهِ يُفْتَى) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضٍ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِالتَّأْخِيرِ اتِّفَاقًا إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْخُصُومَةِ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي فَكَانَ عُذْرًا -

(وَإِذَا طَلَبَ) أَيْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي (سَأَلَ الْقَاضِي الْخَصْمَ عَنْ مَالِكِيَّةِ الشَّفِيعِ لِمَا يَشْفَعُ بِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا أَوْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى الْعِلْمِ) بِأَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَالِكُ الدَّارِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا (أَوْ بَرْهَنَ الشَّفِيعُ) بِكَوْنِهِ مَالِكًا لِمَا يَشْفَعُ بِهِ (سَأَلَهُ) أَيْ سَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَنْ الشِّرَاءِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى الْحَاصِلِ أَوْ السَّبَبِ) ، فَإِنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ إنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّارَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (أَوْ بَرْهَنَ الشَّفِيعُ قُضِيَ لَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (بِهَا) أَيْ بِالشُّفْعَةِ -

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُحْضِرْ) أَيْ الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ وَقْتَ الدَّعْوَى وَبَعْدَ الْقَضَاءِ لَزِمَهُ) أَيْ الشَّفِيعَ إحْضَارُ الثَّمَنِ (وَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الدَّارِ لِقَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (وَبِتَأْخِيرِ أَدَائِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (لَا تَبْطُلُ) أَيْ الشُّفْعَةُ يَعْنِي إذَا قِيلَ لِلشَّفِيعِ: أَدِّ الثَّمَنَ فَأَدَّى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

ثُمَّ لَوْ قَصَدَ الْأَبْعَدَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَتَرَكَ الْأَقْرَبَ، فَإِنْ كَانُوا جَمِيعًا فِي مِصْرٍ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَأَنَّ بَعْضَهُمْ فِيهِ وَالْبَعْضُ فِي مِصْرٍ آخَرَ أَوْ فِي الرُّسْتَاقِ فَقَصَدَ الْأَبْعَدَ وَتَرَكَ الَّذِي فِي مِصْرِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَ مِنْ الضَّرَرِ. . . إلَخْ) اسْتَشْكَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَائِبًا حَيْثُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى هَذَا) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَهُوَ أَصَحُّ مَا يُفْتَى يَعْنِي بِهِ أَنَّ تَصْحِيحَ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي وَقَاضِي خَانْ فِي جَامِعِهِ الصَّغِيرِ مِنْ كَوْنِ تَقْدِيرِ السُّقُوطِ بِشَهْرٍ أَصَحَّ مِنْ تَصْحِيحِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي عَدَمُ سُقُوطِهَا بِالتَّأْخِيرِ أَبَدًا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْحُقُوقِ أَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ يُمْلَكُ فِي الْعَيْنِ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ وَهُوَ احْتِمَالُ حُصُولِ الضَّرَرِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى وَجْهٍ يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا سَائِرُ الْحُقُوقِ فَلِأَنَّ تَأْخِيرَهَا يَنْفَعُ مَنْ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّهُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْعُهْدَةِ بِدَفْعِهَا إلَى أَرْبَابِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا طَلَبَ سَأَلَ الْقَاضِي الْخَصْمَ عَنْ مَالِكِيَّةِ الشَّفِيعِ بِمَا يَشْفَعُ بِهِ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِظَاهِرِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ وَاكْتَفَى بِهِ زُفَرُ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا طَلَبَ سَأَلَ الْقَاضِي الْخَصْمَ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ فِي التَّبْيِينِ ذَكَرَ سُؤَالَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ أَوَّلًا عَقِبَ طَلَبِ الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقَاضِي يَسْأَلُ أَوَّلًا الْمُدَّعِيَ قَبْلَ أَنْ يُقْبِلَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ مَوْضِعِ الدَّارِ مِنْ الْمِصْرِ وَمَحَلِّهِ وَحُدُودِهَا، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ سَأَلَهُ عَنْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَعَدَمِهِ، فَإِذَا بَيَّنَ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ شُفْعَتِهِ وَحُدُودِ مَا يَشْفَعُ بِهَا، فَإِذَا بَيَّنَ وَلَمْ يَكُنْ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ سَأَلَهُ مَتَى عَلِمَ وَكَيْفَ صَنَعَ حِينَ عَلِمَ، فَإِذَا بَيَّنَ سَأَلَهُ عَنْ طَلَبِ التَّقْرِيرِ كَيْفَ كَانَ وَعِنْدَ مَنْ أَشْهَدَ وَهَلْ كَانَ الَّذِي أَشْهَدَ عِنْدَهُ أَقْرَبَ أَمْ لَا، فَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَلَمْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ فِي شُرُوطِهِ ثُمَّ دَعْوَاهُ وَأَقْبَلَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَالِكِيَّةِ الشَّفِيعِ بِمَا يَشْفَعُ بِهِ. . . إلَخْ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ عِنْدَ قَاضٍ قَائِلًا اشْتَرَى فُلَانٌ دَارَ كَذَا وَأَنَا شَفِيعُهَا بِدَارِ كَذَا فَمُرْهُ يُسَلِّمُ إلَيَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا لَا يَكْفِي فِي إثْبَاتِ هَذِهِ الدَّعْوَى لِمَا قَدَّمْته مِنْ الشُّرُوطِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>