للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِهِ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا وَنَفْعُ الْأَجِيرِ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَمِلَ أَوْ لَا فَفَسَدَ الْعَقْدُ وَلَوْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كِلَيْهِمَا أَيْ يَعْمَلُ هَذَا الْعَمَلَ مُسْتَغْرِقًا لِهَذَا الْيَوْمِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَادَةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا سَمَّى عَمَلًا وَقَالَ فِي الْيَوْمِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ فِي لِلظَّرْفِ لَا لِتَقْدِيرِ الْمُدَّةِ فَلَا تَقْتَضِي الِاسْتِغْرَاقَ وَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ وَهُوَ مَعْلُومٌ -

(أَوْ أَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَبْنِيَهَا أَوْ يُكْرِيَ أَنْهَارَهَا أَوْ يُسَرْقِنَهَا) ؛ لِأَنَّ أَثَرَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ يَبْقَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَيْسَتْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ وَفِيهِ نَفْعُ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَتَفْسُدُ كَالْبَيْعِ (بِخِلَافِ اسْتِئْجَارِهَا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا وَيَزْرَعَهَا أَوْ يَسْقِيَهَا وَيَزْرَعَهَا) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الزِّرَاعَةَ مُسْتَحَقَّةٌ بِالْعَقْدِ وَهِيَ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِالسَّقْيِ وَالْكَرْبِ فَلَا تَفْسُدُ بِهِ (وَبِلَا ذِكْرِ زِرَاعَتِهَا أَوْ مَا يُزْرَعُ فِيهَا لَمْ تَصِحَّ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْأَرْضَ تُسْتَأْجَرُ لِلزِّرَاعَةِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَمَا لَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْهَا لَمْ يُعْلَمُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِتَفَاوُتِ أَنْوَاعِ الزِّرَاعَاتِ وَإِضْرَارِ بَعْضِهَا بِالْأَرْضِ فَمَا لَمْ يُبَيَّنْ شَيْءٌ مِنْهَا لَمْ يُعْلَمْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُعَمِّمَ الْمُؤَجِّرُ) بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ تَزْرَعَ مَا شِئْتَ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ لِوُجُودِ الْإِذْنِ مِنْهُ (وَلَوْ زَرَعَهَا) بِلَا ذِكْرِ الزِّرَاعَةِ أَوْ مَا يُزْرَعُ (فَمَضَى الْأَجَلُ عَادَ) أَيْ الْعَقْدُ (صَحِيحًا) وَلَهُ الْمُسَمَّى لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ بِالزِّرَاعَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ -

(اسْتَأْجَرَ جَمَلًا إلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّ حَمْلَهُ فَحَمَلَ مُعْتَادًا فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ وَالْعَيْنَ أَمَانَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ التَّعَدِّي (وَإِنْ بَلَغَ) الْمَكَانَ الْمَعْهُودَ (فَلَهُ الْمُسَمَّى) مِنْ الْأَجْرِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَهَالَةَ ارْتَفَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ (فَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (قَبْلَ الزَّرْعِ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (أَوْ الْحَمْلِ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ) يَعْنِي فَسَخَهَا الْقَاضِي دَفْعًا لِلْفَسَادِ -

(وَإِنْ تَعَدَّى) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الدَّابَّةِ (وَضَمِنَ أَوْ حَمَلَ طَعَامًا مُشْتَرَكًا) بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَاسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ حِمَارَهُ إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ الطَّعَامَ كُلَّهُ (فَلَا أَجْرَ لَهُ) لَا الْمُسَمَّى وَلَا أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَجْرَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ فَبَطَلَ كَإِجَارَةِ مَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ حَمَلَ النِّصْفَ الشَّائِعَ وَحَمْلُهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّهُ حِسِّيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الشَّائِعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَائِعٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ يَحْتَمِلُهُ -

(كَمَا فِي الْجُحُودِ فِي الطَّرِيقِ) يَعْنِي اسْتَأْجَرَ دَابَّةً ثُمَّ جَحَدَ الْإِجَارَةَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَجَبَ أَجْرُ مَا رَكِبَ قَبْلَ الْإِنْكَارِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ لِمَا بَعْدَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ صَارَ غَاصِبًا وَالْأَجْرُ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ الْأَجْرُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ سَلِمَ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْكَافِي وَزَادَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ قَوْلُهُ: وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ قَائِمٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِهِ وَحْدَهُ فَوَجَبَ لَهُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِالْتِزَامِهِ بِذَلِكَ -

(إجَارَةُ النَّفْعِ بِالنَّفْعِ تَجُوزُ إذَا اخْتَلَفَا، وَإِذَا اتَّحَدَا لَا) يَعْنِي إذَا أَجَّرَ دَارِهِ لِيَسْكُنَهَا بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ دَابَّةً يَرْكَبُهَا بِرُكُوبِ دَابَّةٍ أُخْرَى أَوْ ثَوْبَهُ لِيَلْبَسَهُ بِلُبْسِ ثَوْبٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ، فَإِذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ كَانَ كَمُبَادَلَةِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ نَسِيئَةً وَالْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يَحْرُمُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَنَفَعَ الْأَجِيرَ فِي وُقُوعِهَا عَلَى الْعَمَلِ) لَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى الْمُدَّةِ يُوَضِّحُهُ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ عَمِلَ أَوْ لَا وَلِكَوْنِهِ قِسْمًا لِمَا يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعَمَلُ أَوْ الزَّمَانُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَثَرَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ تَبْقَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) أَقُولُ لَوْ كَانَتْ لِإِجَارَةٍ طَوِيلَةٍ فَلَا يَبْقَى لِفِعْلِهِ أَثَرٌ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ الرُّبُعُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ لَا يَفْسُدُ اشْتِرَاكُهُ وَقَدْ يَحْتَاجُ إلَى كَرْيِ الْجَدَاوِلِ وَلَا يَبْقَى أَثَرُهُ إلَى الْقَابِلِ عَادَةً بِخِلَافِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ؛ لِأَنَّ أَثَرَهُ يَبْقَى إلَى الْقَابِلِ عَادَةً كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ زَرَعَهَا فَمَضَى الْأَجَلُ عَادَ صَحِيحًا) أَقُولُ صِحَّةُ الْعَقْدِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ الْأَجَلِ بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بَلْ إذَا زَرَعَ ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ لِمَا ذَكَرَ بَعْدُ مِنْ وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ فِيمَا إذَا بَلَغَ الْحِمْلُ الْمَكَانَ أَنَّ الْجَهَالَةَ ارْتَفَعَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَادَ الْعَقْدُ صَحِيحًا) يَعْنِي اسْتِحْسَانًا

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْجُحُودِ فِي الطَّرِيقِ) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ شَبَّهَ عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ الْأَجْرَ فِي التَّعَدِّي وَحَمْلِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَكِ بِمَا إذَا جَهِدَ فِي الطَّرِيقِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْأَجْرُ إلَّا فِيمَا بَقِيَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا ذَكَرَهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَمَا فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي الطَّرِيقِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا اتَّحَدَا لَا) أَقُولُ ثُمَّ لَوْ اسْتَوْفَى أَحَدُهُمَا الْمَنْفَعَةَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>