مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ (لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ) إذْ لَمْ يُوجَدْ اتِّصَالُ الْعُلُوقِ بِمِلْكِهِ يَقِينًا وَهُوَ الشَّاهِدُ وَالْحُجَّةُ (وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (ثَبَتَ النَّسَبُ) إذْ عَدَمُ ثُبُوتِهِ لِرِعَايَةِ حَقِّهِ وَإِذَا صَدَّقَهُ زَالَ ذَلِكَ الْمَانِعُ (وَلَمْ يَبْطُلْ بَيْعُهُ) لِلْجَزْمِ بِأَنَّ الْعُلُوقَ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ فَلَا تُثْبِتُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ الْعِتْقَ وَلَا حَقَّهُ لِأَنَّهُ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ (وَكَانَتْ أُمُّ الْوَلَدِ نِكَاحًا) هِيَ أَمَةٌ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَمَلَكَهَا أَوْ أَمَةٌ مَلَكَهَا زَوْجُهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَى الْوَلَدَ (وَلَوْ وَلَدَتْ فِيمَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (كَانَ الْحُكْمُ كَالْأَوَّلِ) يَعْنِي يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَأُمَيَّتُهَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ وَلَدِ أَمَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَمَا بَاعَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ وَلَدٍ وُلِدَ عِنْدَهُ بِقَوْلِهِ (بَاعَ الْمَوْلُودَ عِنْدَهُ فَادَّعَاهُ بَعْدَ بَيْعِ مُشْتَرِيهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَرَدَّ بَيْعَهُ) لِأَنَّ اتِّصَالَ الْعُلُوقِ بِمِلْكِهِ كَالْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ وَالْبَيْعُ يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَمَالَهُ مِنْ حَقِّ الدَّعْوَةِ لَا يَحْتَمِلُهُ فَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ لِأَجْلِهِ (كَذَا لَوْ كَاتَبَ الْوَلَدَ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ) كَاتَبَ (الْأُمَّ أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ) حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَرُدُّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ عَلَى مَا مَرَّ.
(بَاعَ أَحَدَ تَوْأَمَيْنِ) وَهُمَا وَلَدَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيَكُونَانِ مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ عُلُوقِ الثَّانِي حَادِثًا إذْ لَا حَبَلَ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْعُلُوقُ عَلَى الْعُلُوقِ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّهَا إذَا حَبِلَتْ يَنْسَدُّ فَمُ الرَّحِمِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِهِمَا يَثْبُتُ نَسَبُهُمَا مِنْهُ لِأَنَّهُمَا لَا يَنْفَصِلَانِ نَسَبًا فَثُبُوتُ نَسَبِ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ نَسَبِ الْآخَرِ (عُلُوقُهُمَا وَوِلَادَتُهُمَا عِنْدَهُ وَأَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْآخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَاقْتَضَى كَوْنَ الْآخَرِ أَيْضًا كَذَلِكَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ أَحَدِهِمَا حُرَّ الْأَصْلِ وَالْآخَرِ رَقِيقًا وَقَدْ خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَكَانَ هَذَا نَقْضَ الْإِعْتَاقِ بِأَمْرٍ فَوْقَهُ وَهُوَ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ
(قَالَ لِصَبِيٍّ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي ثُمَّ قَالَ هُوَ مِنِّي يَصِحُّ) إذْ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ ابْنِي تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ لَهُ أَمَّا حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى يَنْتَفِيَ كَوْنُهُ مَخْلُوقًا مِنْ مَاءِ الزِّنَا فَإِذَا قَالَ لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّ الْوَلَدِ فَإِذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ يَصِحُّ وَلَوْ قَالَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي ثُمَّ قَالَ لَيْسَ مِنِّي لَا يَصِحُّ النَّفْيُ لِأَنَّ النَّسَبَ ثَبَتَ وَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ لَا يَنْتَفِي بِالنَّفْيِ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ أَمَّا بِغَيْرِ التَّصْدِيقِ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ لَكِنْ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ ثَبَتَ النَّسَبُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ الِابْنِ فَثَبَتَ النَّسَبُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبُ الْإِقْرَارَ فَأَقَامَ الِابْنُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنِّي ابْنُهُ يُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ ابْنِي مَقْبُولٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ جُزْؤُهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (قَالَ لَهُ) أَيْ لِصَبِيٍّ (هُوَ ابْنُ زَيْدٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إذَا جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ ابْنُ الْمَوْلَى وَإِذَا صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يُدْرَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ النَّسَبُ) لَا يَخْفَى مَا فِي التَّرْكِيبِ مِنْ السَّقْطِ وَاسْتِقَامَتُهُ أَنْ يُزَادَ لَفْظَةُ إنْ فَتَكُونُ الْعِبَارَةُ هَكَذَا وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ النَّسَبُ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ أُمُّ وَلَدِهِ نِكَاحًا هِيَ أَمَةٌ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا فَمَلَكَهَا) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ ثَبَتَ أُمُومِيَّتُهَا كَمَا ذُكِرَ لَحُكِمَ بِنَقْضِ بَيْعِهَا وَلَا يُنْقَضُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ فِي الْكَافِي وَلَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ رُدَّتْ دَعْوَى الْبَائِعِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَيَثْبُت النَّسَبُ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْبَائِعَ اسْتَوْلَدَهَا بِحُكْمِ النِّكَاحِ حَمْلًا لِأَمْرِهِ عَلَى الصَّلَاحِ وَيَبْقَى الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ أَجْنَبِيٌّ آخَرُ لِأَنَّ بِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْبَائِعِ لَا يَثْبُتُ كَوْنُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ وَكَيْفَ يَدَّعِي وَالْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لَا يَثْبُتُ حَقِيقَةُ الْعِتْقِ لِلْوَلَدِ وَلَا حَقُّ الْعِتْقِ لِلْأَمَةِ وَلَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ وَدَعْوَى الْبَائِعِ هُنَا دَعْوَى تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا اهـ (قَوْلُهُ أَوْ أَمَةٌ مَلَكَهَا زَوْجُهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَى الْوَلَدَ) لَيْسَ سَدِيدًا لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْوَلَدِ بَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَإِذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْمِلْكِ فَادَّعَاهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِالْمِلْكِ لَا بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ يَعْنِي ثَبَتَ نَسَبُهُ وَأُمَيَّتُهَا) أَيْ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَكَانَتْ دَعْوَى اسْتِيلَادٍ وَهَذَا إذَا حَصَلَ التَّصَادُقُ وَلَوْ تَنَازَعَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِالِاتِّفَاقِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْبَيِّنَةُ لِلْبَائِعِ
قَوْلُهُ (عُلُوقُهُمَا وَوِلَادَتُهُمَا عِنْدَهُ) أَيْ فِي مِلْكِهِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَالصُّورَةُ بِحَالِهَا وَقَدْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ لَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ كَمَا فِي الْكَافِي وَالتَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ) أَيْ كَذَا ذَكَرَ التَّعْلِيلَ وَالتَّقْيِيدَ أَمَّا لَفْظُ الْمَسْأَلَةِ فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَنِصْفٍ حِكَايَةً عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّة (قَوْلُهُ وَقَالَا إنْ جَحَدَ زَيْدٌ بُنُوَّتَهُ فَهُوَ ابْنٌ لِلْمَوْلَى) لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكَافِي مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا وَلَفْظُهُ رَجُلٌ فِي يَدِهِ صَبِيٌّ فَقَالَ هُوَ ابْنُ عَبْدِي. . . إلَخْ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا يُشْتَرَطُ لِهَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَعَ اتِّفَاقًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute