للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصْدِيقَهُ وَلَا تَكْذِيبَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمْ لَهُمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ ارْتَدَّ بِرَدِّ زَيْدٍ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ النَّقْضَ وَلَهُ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَأَيْضًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ (قَالَ لَهُ) أَيْ لِصَبِيٍّ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ (مُسْلِمٌ هُوَ عَبْدِي وَكَافِرٌ هُوَ ابْنِي كَانَ ابْنًا وَحُرًّا إنْ ادَّعَيَا مَعًا) لِأَنَّهُ يَكُونُ حُرًّا حَالًا وَمُسْلِمًا مَآلًا لِظُهُورِ دَلَائِلِ التَّوْحِيدِ لِكُلِّ عَاقِلٍ وَفِي الْعَكْسِ يَثْبُتُ الْإِسْلَامُ تَبَعًا وَلَا يَحْصُلُ لَهُ الْحُرِّيَّةُ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ تَحْصِيلِهَا (وَإِنْ سَبَقَ دَعْوَى الْمُسْلِمِ كَانَ عَبْدًا لَهُ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَإِنْ ادَّعَيَا الْبُنُوَّةَ كَانَ ابْنًا لِلْمُسْلِمِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ وَيُرَجَّحُ الْمُسْلِمُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ أَوْلَى لِلصَّبِيِّ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ لَهُ حَالًا تَبَعًا لِأَبِيهِ.

(قَالَ زَوْجُ امْرَأَةٍ لِصَبِيٍّ مَعَهُمَا هُوَ ابْنِي مِنْ غَيْرِهَا وَقَالَتْ ابْنِي مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَبِّرٍ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُعَبِّرًا (فَهُوَ لِمَنْ صَدَّقَهُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ لِلْوَلَدِ بِالنَّسَبِ وَادَّعَى مَا يُبْطِلُ حَقَّ صَاحِبِهِ فَصَحَّ إقْرَارُهُمَا لَهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَاءِ أَيْدِيهِمَا فِيهِ وَقِيَامِ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ وَقِيَامُ الْفِرَاشِ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمَا (ادَّعَتْ ذَاتُ زَوْجٍ بُنُوَّةَ صَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ حَتَّى تَشْهَدَ امْرَأَةٌ عَلَى الْوِلَادَةِ) لِأَنَّهَا تَدَّعِي تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ ادِّعَاءِ الرَّجُلِ فَإِنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ حُجَّةٌ فِيهَا لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ الْوَلَدِ إذْ النَّسَبُ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ الْقَائِمِ (وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً لَزِمَ حُجَّةٌ تَامَّةٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ حَبَلٌ ظَاهِرٌ أَوْ اعْتِرَافٌ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَقَالَا يَكْفِي فِي الْجَمِيعِ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَلَوْلَا النِّكَاحُ وَالْعِدَّةُ كَانَ ابْنَهَا) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا مُعْتَدَّةً يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهَا بِقَوْلِهَا لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامًا عَلَى نَفْسِهَا كَمَا فِي الرَّجُلِ (وَلَدَتْ أَمَةٌ تَزَوَّجَهَا) أَيْ رَجُلٌ (عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ اشْتَرَاهَا أَوْ اتَّهَبَهَا وَاسْتُحِقَّتْ) يَعْنِي مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ فَوَلَدَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْوَالِدَةُ (غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ) بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَلِأَنَّ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاجِبٌ فَيُجْعَلُ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ فِي حَقِّ أَبِيهِ وَرَقِيقًا فِي حَقِّ مُدَّعِيهِ نَظَرًا لَهُمَا ثُمَّ الْوَلَدُ حَاصِلٌ فِي يَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ إلَّا بِالْمَنْعِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْصُوبَةِ فَلِذَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ يُخَاصِمُ) لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ (وَهُوَ حُرٌّ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْحُرِّ وَلَمْ يَرْضَ الْوَالِدُ بِرِقِّيَّتِهِ كَمَا رَضِيَ فِي الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ (وَإِنْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَبِيهِ) لِانْعِدَامِ الْمَنْعِ (وَيَرِثُهُ) أَيْ يَكُونُ الْأَبُ وَارِثًا لَهُ لِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فِي حَقِّ أَبِيهِ فَمَا تَرَكَ يَكُونُ مِيرَاثًا لِأَبِيهِ (وَإِنْ قَتَلَهُ أَبُوهُ أَوْ) قَتَلَهُ (غَيْرُهُ وَأَخَذَ) أَيْ أَبُوهُ (دِيَتَهُ غَرِمَ) أَيْ أَبُوهُ (قِيمَتَهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِتَحَقُّقِ الْمَنْعِ مِنْ الْأَبِ بِقَتْلِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِسَلَامَةِ الْوَلَدِ لَهُ إذْ الدِّيَةُ بَدَلُ الْمَحِلِّ شَرْعًا فَصَارَ الْوَلَدُ سَالِمًا لَهُ بِسَلَامَتِهَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا (وَرَجَعَ بِهَا) أَيْ بِالْقِيمَةِ الَّتِي ضَمِنَهَا (كَثَمَنِهَا) أَيْ كَمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ إذْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لِصَبِيٍّ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) صَرَّحَ بِهِ شَرْحًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ مِنْ الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ ادَّعَتْ ذَاتُ زَوْجٍ) أَوْرَدَهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فِي الطَّلَاقِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِهَا فِي الطَّلَاقِ صَاحِبُ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ وَلَوْلَا النِّكَاحُ وَالْعِدَّةُ كَانَ ابْنَهَا) كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ قَالَ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَجْرَى الْمَسْأَلَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا وَرَدَّ قَوْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ (قَوْلُهُ وَلَدَتْ أَمَةٌ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ هَذَا الْغُرُورُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَظَاهِرٌ أَيْ فِي ثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ اهـ.

وَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ إقَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَفَرْعُهَا يَتْبَعُهَا إلَّا إذَا أَثْبَتَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَغْرُورٌ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَيُثْبِتُ بِهِ حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ لِلْأَوْلَادِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَلِذَا يَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ يُخَاصِمُ) لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْمُرَادُ بِيَوْمِ التَّخَاصُمِ يَوْمُ الْقَضَاءِ لِأَنَّ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ يَضْمَنُ الْأَبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ أَوْ التَّحَوُّلِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِقَ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَانَ حَقُّهُ فِي عَيْنِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّحَوُّلِ اهـ.

وَلِمَا قَالَ قَاضِي زَادَهْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْقَضَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَبِيهِ) يَعْنِي لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ أَيْ أَبُوهُ دِيَتَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا لَا يَغْرَمُ شَيْئًا وَلَوْ قَبَضَ قَدْرَ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ بَعْضَهَا قُضِيَ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهِ الَّتِي ضَمِنَهَا يَعْنِي فِي صُورَةِ قَتْلِ غَيْرِ الْأَبِ أَمَّا إذَا قَتَلَهُ الْأَبُ كَيْفَ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَ وَهُوَ ضَمَانُ إتْلَافِهِ وَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِذَلِكَ أَيْ الرُّجُوعِ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَبِعَدَمِهِ بِقَتْلِهِ اهـ.

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بَاقِيَةً فَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لَهَا أَوْ مَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَضَمِنَ قِيمَتَهَا فَيَرْجِعُ بِثَمَنِهَا عَلَى بَائِعِهِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَوْ زَوَّجَهَا لَهُ أَحَدٌ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَاسْتُحِقَّتْ ضَمِنَ لَهُ قِيمَةَ وَلَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>