للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ مَفْصُولًا فَإِذَا اسْتَثْنَى الْكُلَّ لَزِمَهُ الْكُلُّ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ (بِخِلَافِ) مَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ نَحْوَ غِلْمَانِي كَذَا (إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا وَلَا غُلَامَ لَهُ غَيْرُهُمْ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ أَمْكَنَ جَعْلُهُ تَكَلُّمًا بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا لِأَنَّهُ إنَّمَا صَارَ كَلَامًا ضَرُورَةَ عَدَمِ مِلْكِهِ فِيمَا سِوَاهُ لَا لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ فَبِالنَّظَرِ إلَى ذَاتِ اللَّفْظِ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُسْتَثْنَى بَعْضَ مَا يَتَنَاوَلُهُ الصَّدْرُ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ خَارِجٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ تَكَلُّمًا بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا (كَذَا) إذَا قَالَ غِلْمَانِي كَذَا (إلَّا هَؤُلَاءِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَيْضًا لِوُجُودِ التَّغَايُرِ اللَّفْظِيِّ (اسْتَثْنَى وَزْنِيًّا أَوْ كَيْلِيًّا مِنْ دَرَاهِمَ صَحَّ قِيمَةً) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا أَوْ إلَّا قَفِيزًا حِنْطَةً صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَلَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيمَةَ الدِّينَارِ أَوْ الْقَفِيزِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ صَدْرُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ لَكَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الصَّدْرِ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي خِلَافِ الْجِنْسِ لَكِنَّهُمَا صَحَّحَاهُ اسْتِحْسَانًا بِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ مَعْنًى وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا صُورَةً لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ ثَمَنًا أَمَّا الدِّينَارُ فَظَاهِرٌ وَكَذَا غَيْرُهُ لِأَنَّ الْكَيْلِيَّ وَالْوَزْنِيَّ مَبِيعٌ بِأَعْيَانِهِمَا ثَمَنٌ بِأَوْصَافِهِمَا حَتَّى لَوْ عُيِّنَا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِأَعْيَانِهِمَا وَلَوْ وُصِفَا وَلَمْ يُعَيَّنَا صَارَ حُكْمُهُمَا كَحُكْمِ الدَّنَانِيرِ وَلِهَذَا يَسْتَوِي الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ فِيهِمَا وَكَانَتْ فِي حُكْمِ الثُّبُوتِ فِي الذِّمَّةِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ مَعْنًى فَالِاسْتِثْنَاءُ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي مَعْنًى لَا صُورَةً (وَلَوْ) اسْتَثْنَى (غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ وَزْنِيٍّ وَكَيْلِيٍّ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ (لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَهُ أَنَّهُمَا اتَّحَدَا جِنْسًا مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ وَلَنَا أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُفِيدُ الِاتِّحَادَ الْجِنْسِيَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الثَّمَنِيَّةِ وَلَوْ مَعْنًى كَمَا عَرَفْت

(إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَبْطَلَهُ) أَيْ أَبْطَلَ وَصْلُهُ الْإِقْرَارَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ إبْطَالٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيَبْطُلُ قَبْلَ انْعِقَادِهِ لِلْحُكْمِ، وَتَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَكَانَ إعْدَامًا مِنْ الْأَصْلِ.

(أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (لَزِمَهُ الْمَالُ) لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِوُجُودِ الصِّيغَةِ الْمُلْزِمَةِ (وَبَطَلَ شَرْطُهُ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَا مَدْخَلَ لِلْخِيَارِ فِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ) مِنْهُ قَوْلُهُ ثُلُثُ مَالِي لِبَكْرٍ إلَّا أَلْفًا وَالثُّلُثُ أَلْفٌ لِأَنَّ تَوَهُّمَ بَقَاءِ شَيْءٍ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ الْبَقَاءِ (قَوْلُهُ اسْتَثْنَى وَزْنِيًّا أَوْ كَيْلِيًّا مِنْ دَرَاهِمَ صَحَّ) هَلْ يَشْمَلُ الْمُسْتَغْرِقَ قِيمَةً قَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ اسْتَثْنَى دَنَانِيرَ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا عَلَى وَجْهٍ يَسْتَوْعِبُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَقَوْلِهِ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِينَارًا وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ أَوْ إلَّا كُرَّ بُرٍّ كَذَلِكَ إنْ مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ بِغَيْرِ لَفْظِهِ صَحِيحٌ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ الْإِقْرَارُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ عَلَيَّ دِينَارٌ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الصَّدْرِ مَا فِي هَذَا الْكِيسِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِفُلَانٍ إلَّا أَلْفًا يُنْظَرُ إنْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَالزِّيَادَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَالْأَلْفُ لِلْمُقِرِّ وَإِنْ أَلْفٌ أَوْ أَقَلُّ فَكُلُّهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ قُلْت وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ بِالتَّأَمُّلِ.

وَفِي الْيَنَابِيعِ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ أَوْ أَكْثَرُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ اهـ.

وَنَقَلَهُ قَاضِي زَادَهْ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَثْنَى غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ كَيْلِيٍّ وَوَزْنِيٍّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا أَيْ لَا يَصِحُّ يَعْنِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يَمْتَنِعُ بِهِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَلَكِنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ ذَكَرَهُ قَاضِي زَادَهْ

(قَوْلُهُ إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَبْطَلَهُ) كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَشَاءَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَيُنْظَرُ مَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ فَشَاءَهُ فِي مَجْلِسِهِ صَحَّ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ

(قَوْلُهُ أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ) هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي إقْرَارِهِ تَعْلِيقُ الشَّرْطِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ تَعْلِيقُ الشَّرْطِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ أَرَ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ لِي غَيْرُ ذَلِكَ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ تَعْلِيقًا بِالشَّرْطِ فَكَذَا هَذَا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِيمَا أَعْلَمُ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إبْطَالٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. . . إلَخْ) وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ لِمَا قَالَ قَاضِي زَادَهْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ إمَّا إبْطَالٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ أَوْ تَعْلِيقٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي طَلَاقِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ يَعْنِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ الِاخْتِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي طَلَاقِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالتَّتِمَّةِ وَاخْتَارَهُ بَعْضٌ آخَرُ مِنْ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ إنَّهُ إبْطَالٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَعِنْدَ مَنْ قَالَ إنَّهُ تَعْلِيقٌ يَقَعُ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَرْفَ الْجَزَاءِ لَمْ يَتَعَلَّقْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَيَقَعُ وَكَيْفَمَا كَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِقْرَارُ كَمَا بَيَّنَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْإِبْطَالُ فَقَدْ بَطَلَ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ التَّعْلِيقُ فَكَذَلِكَ إمَّا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ أَوْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>