للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِخْبَارِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صِدْقًا فَهُوَ وَاجِبُ الْعَمَلِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا فَهُوَ وَاجِبُ الرَّدِّ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِاخْتِيَارِهِ وَعَدَمِ اخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا تَأْثِيرُ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فِي الْعُقُودِ لِيَتَخَيَّرَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَإِمْضَائِهِ.

(أَقَرَّ بِدَارِ وَاسْتَثْنَى بِنَاءَهَا) بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا (كَانَا) أَيْ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ (لِلْمُقَرِّ لَهُ) وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ مَقْصُودًا إذْ الدَّارُ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ مِنْ الْبُقْعَةِ وَالْبِنَاءُ يَدْخُلُ تَبَعًا لَا لَفْظًا وَلِهَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ الْبِنَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَتِهِ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي وَالِاسْتِثْنَاءُ إنَّمَا يَكُونُ مِمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْكَلَامُ نَصًّا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ أَقُولُ يَرُدُّ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ كَوْنَ الْبِنَاءِ جُزْءًا مِنْ الدَّارِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ فَيَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةٍ فَمَا وَجْهُ عَدَمِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ وَتَحْقِيقُ مَعْرِفَةِ وَجْهِهِ مَوْقُوفٌ عَلَى مُقَدِّمَةٍ تَقَرَّرَتْ فِي عِلْمَيْ الْكَلَامِ وَالْأُصُولِ وَهِيَ أَنَّ الرُّكْنَ قِسْمَانِ أَحَدُهُمَا أَصْلِيٌّ وَهُوَ الَّذِي فِي مَدْلُولِ الِاسْمِ بِحَيْثُ إذَا انْتَفَى لَمْ يَصِحَّ إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى الْبَاقِي كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَرَأْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَثَانِيهِمَا زَائِدٌ وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي مَدْلُولِ الِاسْمِ لَكِنْ إذَا انْتَفَى لَا يَنْتَفِي إطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى الْبَاقِي كَيَدِ زَيْدٍ وَرِجْلِهِ حَتَّى إذَا قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِزَيْدٍ إلَّا يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ لَمْ يَجُزْ وَبِهَذَا التَّحْقِيقِ يَظْهَرُ دَفْعُ مَا يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ الْإِقْرَارُ فِي الْإِيمَانِ رُكْنٌ زَائِدٌ بِأَنَّ الرُّكْنِيَّةَ تَقْتَضِي الدُّخُولَ وَالزِّيَادَةَ تَقْتَضِي الْخُرُوجَ فَكَيْفَ يَجْتَمِعَانِ وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الدُّخُولَ بِالنَّظَرِ إلَى تَنَاوُلِ اللَّفْظِ ظَاهِرًا وَالْخُرُوجَ بِالنَّظَرِ إلَى التَّبَعِيَّةِ حَقِيقَةً فَلَا مُنَافَاةَ (وَفَصُّ الْخَاتَمِ وَنَخْلَةُ الْبُسْتَانِ وَطَوْقُ الْجَارِيَةِ كَبِنَائِهَا) أَيْ كَبِنَاءِ الدَّارِ فِي كَوْنِهَا فِي مُتَنَاوَلِ اللَّفْظِ تَبَعًا لَا لَفْظًا حَتَّى لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ بَيْتًا مِنْهَا لِأَنَّهُ دَخَلَ فِيهِ لَفْظًا فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (كَذَا إذَا قَالَ بِنَاؤُهَا لِي وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ) يَعْنِي إذَا قَالَ هَكَذَا كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِفُلَانٍ إذْ الْإِقْرَارُ بِالْأَرْضِ إقْرَارٌ بِالْبِنَاءِ تَبَعًا كَالْإِقْرَارِ بِالدَّارِ (وَلَوْ قَالَ وَعَرْصَتُهَا لِفُلَانٍ) بَعْدَ أَنْ قَالَ بِنَاؤُهَا لِي (كَانَ كَمَا قَالَ) لِأَنَّ الْعَرْصَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُقْعَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ

(وَصَحَّ) أَيْ الْإِقْرَارُ (بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ قِنٍّ عَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ) يَعْنِي قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ قِنٍّ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ ذَكَرَ قِنًّا بِعَيْنِهِ قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ شِئْت فَسَلِّمْ الْقِنَّ وَخُذْ الْأَلْفَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك (فَلَوْ سَلَّمَهُ لَزِمَ الْأَلْفُ وَإِلَّا فَلَا) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا هَذَا وَهُوَ أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيُسَلِّمَ الْقِنَّ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ الْقِنُّ قِنُّك مَا بِعْتُهُ وَإِنَّمَا بِعْتُك قِنًّا غَيْرَهُ وَفِيهِ الْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْقِنِّ لَهُ وَقَدْ سَلِمَ حِينَ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ وَالْأَسْبَابُ مَطْلُوبَةٌ لِأَحْكَامِهَا لَا لِأَعْيَانِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ التَّكَاذُبُ فِي السَّبَبِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْقِنُّ قِنِّي مَا بِعْتُك وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُقِرَّ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ إذَا سَلَّمَ لَهُ الْقِنَّ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ وَالرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ: الْقِنُّ قِنِّي مَا بِعْتُهُ وَإِنَّمَا بِعْتُك غَيْرَهُ وَحُكْمُهُ أَنْ يَتَحَالَفَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَدَّعِي تَسْلِيمَ قِنِّ عَيَّنَهُ وَالْآخَرَ يُنْكِرُ وَالْمُقَرُّ لَهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَفَصُّ الْخَاتَمِ وَنَخْلَةُ الْبُسْتَانِ. . . إلَخْ) فِي جَعْلِ فَصِّ الْخَاتَمِ مُتَنَاوِلًا لِلَفْظِ الْخَاتَمِ تَبَعًا مُنَافَاةً لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ اسْمَ الْخَاتَمِ يَشْمَلُهُمَا قَالَهُ يَعْقُوبُ بَاشَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُرَادَهُ بِشُمُولِ اسْمِ الْخَاتَمِ الْكُلَّ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ، أَعَمُّ مِنْ الشُّمُولِ الْقَصْدِيِّ وَالتَّبَعِيِّ وَمُرَادَهُ بِنَفْيِ دُخُولِ الْخَاتَمِ فِي قَوْلِهِ اللَّاحِقِ نَفْيُ الدُّخُولِ الْقَصْدِيِّ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ قَاضِي زَادَهْ

(قَوْلُهُ وَصَحَّ أَيْ الْإِقْرَارُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ قِنٍّ عَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ) يُوهِمُ لُزُومَ الْأَلْفِ لِحُكْمِهِ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ مَعَ عَدَمِ الْقَبْضِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا سَلَّمَ الْقِنَّ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فَلَوْ سَلَّمَهُ لَزِمَ الْأَلْفُ وَإِلَّا فَلَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَكَانَ قَوْلِهِ صَحَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ قِنٍّ عَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ فَلَوْ سَلَّمَهُ لَزِمَ الْأَلْفُ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا بِعْتُك قِنًّا غَيْرَهُ وَفِيهِ الْمَالُ لَازِمٌ) أَطْلَقَهُ عَنْ ذِكْرِ التَّسْلِيمِ وَقَدْ نَصَّ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا بِعْتُك عَبْدًا آخَرَ وَسَلَّمْتُهُ وَكَذَا ذَكَرَ التَّسْلِيمَ قَاضِي زَادَهْ وَالْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ اهـ.

وَبَقِيَ مِنْ مَفْهُومِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مَتْنًا مَا لَوْ صَدَّقَهُ فِي ادِّعَاءِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>