بِالتَّسَامُعِ إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِالِاشْتِهَارِ أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يَثِقُ بِهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ نِصَابٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَقِيلَ يَكْتَفِي فِي الْمَوْتِ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ مُشَاهَدَةَ تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَحْضُرُهُ غَالِبًا إلَّا وَاحِدٌ أَوْ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُطْلِقَ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ مَاتَ وَلَا يُفَسِّرُ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنَّمَا قَالَ أَصْلُ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى انْقِرَاضِ الْقُرُونِ دُونَ شَرَائِطِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ يَشْتَهِرُ فَأَمَّا شَرَائِطُهُ الَّتِي شَرَطَهَا الْوَاقِفُ فَلَا تَشْتَهِرُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْجِهَةِ بِأَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى لَوْ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى شَرَائِطِ الْوَاقِفِ إنْ بَعُدَ مَا ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى كَذَا لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ فَيُصْرَفُ إلَى كَذَا وَلَوْ قَالُوا ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي
(وَيَشْهَدُ رَائِي جَالِسِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ يَتَرَدَّدُ إلَيْهِ الْخُصُومُ أَنَّهُ قَاضٍ) وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ تَقْلِيدَ الْإِمَامِ إيَّاهُ.
(وَ) يَشْهَدُ أَيْضًا رَائِي (رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ يَسْكُنَانِ بَيْتًا وَبَيْنَهُمَا انْبِسَاطُ الْأَزْوَاجِ أَنَّهَا عِرْسُهُ) كَمَا لَوْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَالِ
. (وَ) يَشْهَدُ أَيْضًا رَائِي (شَيْءٍ سِوَى الرَّقِيقِ الْمُعَبِّرِ) فَإِنَّ غَيْرَ الْمُعَبِّرِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعُرُوضِ (فِي يَدِ) مُتَعَلِّقٍ بِالرَّائِي الْمُقَدَّرِ (مُتَصَرِّفٍ كَالْمُلَّاكِ) أَيْ كَمَا يَتَصَرَّفُ الْمُلَّاكُ (أَنَّهُ لَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِيَشْهَدُ الْمُقَدَّرُ، صُورَتُهُ رَجُلٌ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ ثُمَّ رَأَى ذَلِكَ الْعَيْنَ فِي يَدِ آخَرَ وَالْأَوَّلُ يَدَّعِي الْمِلْكَ وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ لِلْمُدَّعِي لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْأَشْيَاءِ لَا يُعْرَفُ يَقِينًا بَلْ ظَاهِرًا فَالْيَدُ بِلَا مُنَازَعَةٍ دَلِيلُ الْمِلْكِ ظَاهِرًا (إذَا شَهِدَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ (قَلْبُهُ) فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ عَدْلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ لَكِنَّهُ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ قَالُوا وَفِي الْإِخْبَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ يُخْبِرَهُ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَهُمْ عُدُولٌ لِيَحْصُلَ لَهُ نَوْعُ عِلْمٍ أَوْ غَلَبَةُ ظَنٍّ وَقِيلَ فِي الْمَوْتِ يُكْتَفَى بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ عَدْلٍ أَوْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَحَقَّقُ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا وَاحِدٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِخْبَارِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ فَكَذَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ اهـ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ فِي الْمَوْتِ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ عَدْلٍ يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِصِيغَةِ الضَّعْفِ وَقَوْلَهُ بَعْدَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِخْبَارِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ لَا يُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ فَكَذَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الِاكْتِفَاءُ فِي الْمَوْتِ بِوَاحِدٍ اهـ.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ فَالْحَقِيقَةُ أَنْ يَشْتَهِرَ وَيَسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْعَدَالَةُ بَلْ يُشْتَرَطُ التَّوَاتُرُ وَالْحُكْمِيَّةُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ لَكِنَّ الشُّهْرَةَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ يَعْنِي النَّسَبَ وَالنِّكَاحَ وَالْقَضَاءَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِخَبَرِ جَمَاعَةٍ لَا يُتَوَهَّمُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ أَوْ خَبَرِ عَدْلَيْنِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَفِي بَابِ الْمَوْتِ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فِي بَابِ النَّسَبِ مِنْ شَهَادَاتِ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَكِنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ عَدْلًا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْتِ مِنْ الْمُخْتَصَرِ ذَكَرَ فِي آخِرِ شَهَادَاتِ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْمَوْتِ إذَا كَانَ مَشْهُورًا أَوْ شَهِدَ بِهِ وَاحِدٌ وَسِعَكَ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ عَدْلٌ أَوْ يَكُونَ مَوْتًا مَشْهُورًا اهـ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ لَمْ يَقْبَلْ) هَذَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ. . . إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَيَانِ الْوَاقِفِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى بِقَوْلِهِ شَهِدُوا عَلَى أَنَّ هَذَا وَقْفٌ عَلَى كَذَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا الْوَاقِفَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ فِي بَابِ قَبْضِ الدِّيوَانِ مِنْ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ قَدِيمًا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْوَاقِفِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ رَائِي جَالِسِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إذَا نَظَرَ الرَّجُلُ إلَى الْقَاضِي فِي مَجْلِسِهِ وَالنَّاسُ عِنْدَهُ قَالُوا هَذَا الْقَاضِي وَسِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ الْقَاضِي عَلَى اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ تِلْكَ السَّاعَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ أَيْضًا رَائِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي لَكِنْ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلَهُ وَيَنْبَسِطَانِ انْبِسَاطَ الْأَزْوَاجِ وَسَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ اهـ.
وَلَا يَخْفَى مُغَايَرَةُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا بِالتَّسَامُعِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا بِالْمُعَايَنَةِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَيَتَّحِدُ صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِشَرْطِ السَّمَاعِ مِنْ النَّاسِ مَعَ الْمُعَايَنَةِ
(قَوْلُهُ سِوَى الرَّقِيقِ الْمُعَبِّرِ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا يَشْهَدُ بِهِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ وَفِي غَيْرِ الْمُعَبِّرِ يَشْهَدُ بِرِقِّهِ (قَوْلُهُ إذَا شَهِدَ بِهِ قَلْبُهُ) كَذَا قَالَ الْكَمَالُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حِلِّ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ.
وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ أَسْنَدَ هَذَا الْقَوْلَ إلَى أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَفْظُهُ وَعَنْهُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ قَالُوا يَعْنِي الْمَشَايِخَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْكُلِّ وَبِهِ