لَا حَقِيقِيٌّ (وَيَقُولُ أَشْهَدُ لَا أَشْهِدْنِي) كَيْلًا يَكُونُ كَاذِبًا
(وَلَا يَسَعُهُ الشَّهَادَةُ بِسَمَاعِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ) أَيْ لَوْ سَمِعَ الشَّاهِدُ صَوْتَ مَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ إذْ النَّغْمَةُ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ (إلَّا إذَا تَعَيَّنَ الْقَائِلُ) بِأَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ وَحْدَهُ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمَسْلَكِ وَلَيْسَ فِيهِ مَسْلَكٌ غَيْرُهُ فَسَمِعَ إقْرَارَ الدَّاخِلِ وَلَمْ يَرَهُ إذْ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَقْبَلَهُ إذَا فَسَّرَ لَهُ إذْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ الْقَبُولُ عِنْدَ التَّفْسِيرِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ فِي بَعْضِ الْحَوَادِثِ لَكِنْ إذَا صَرَّحَ بِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا سَيَأْتِي
(أَوْ يَرَى شَخْصٌ الْقَائِلَةَ وَيَشْهَدُ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَشَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ إقْرَارَهَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إلَّا إذَا رَأَى شَخْصَهَا يَعْنِي حَالَ مَا أَقَرَّتْ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِشَرْطِ رُؤْيَةِ شَخْصِهَا لَا رُؤْيَةِ وَجْهِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ الْمَرْأَةُ إذَا حَسَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَقَالَتْ أَنَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَدْ وَهَبْتُ لِزَوْجِي مَهْرِي فَإِنَّ الشُّهُودَ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ مَا دَامَتْ حَيَّةً إذْ يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهَا فَإِنْ مَاتَتْ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ
(وَلَا يَشْهَدُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا تُصْرَفُ عَلَى الْأَصِيلِ بِإِزَالَةِ وِلَايَتِهِ فِي تَنْفِيذِ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِزَالَةُ الْوِلَايَةِ الثَّابِتَةِ لِلْغَيْرِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِنَابَةِ وَالتَّحَمُّلِ مِنْهُ
(وَلَا) يَشْهَدُ أَيْضًا (مَنْ رَأَى خَطَّهُ) أَيْ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ شَهَادَتَهُ (وَلَمْ يَذْكُرْهَا) أَيْ شَهَادَتَهُ (كَذَا الْقَاضِي) يَعْنِي إذَا وَجَدَ فِي دِيوَانِهِ إقْرَارَ رَجُلٍ لِرَجُلٍ بِحَقٍّ أَوْ شَهَادَةِ شُهُودٍ شَهِدُوا لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ وَهُوَ لَا يَذْكُرُهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ وَلَا يُنَفِّذُهُ حَتَّى يَتَذَكَّرَهُ.
(وَ) كَذَا (الرَّاوِي) يَعْنِي إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ لَا يَحِلُّ لَهُ الرِّوَايَةُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَحِلُّ إلَّا عَنْ عِلْمٍ وَلَا عِلْمَ هُنَا لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ (وَلَوْ بِالتَّسَامُعِ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَأَصْلِ الْوَقْفِ) فَإِنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ جَائِزَةٌ فِيهَا (إذَا أَخْبَرَ بِهَا رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِعِلْمٍ كَمَا مَرَّ وَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْعِيَانِ أَوْ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَلَمْ يُوجَدْ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ حُكْمَ الْمَالِ أَسْهَلُ مِنْ حُكْمِ النِّكَاحِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَخْتَصُّ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِهَا خَوَاصُّ مِنْ النَّاسِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامٌ تَبْقَى عَلَى انْقِضَاءِ الْقُرُونِ وَانْقِرَاضِ الْأَعْصَارِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسْمَعُهُ كُلُّ أَحَدٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ
ــ
[حاشية الشرنبلالي]
قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ وَحْدَهُ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْكَافِي وَعَلِمَ الشَّاهِدُ ذَلِكَ بِأَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ ثُمَّ خَرَجَ وَقَعَدَ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَقْبَلَهُ. . . إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
(قَوْلُهُ أَوْ يَرَى شَخْصَ الْقَائِلَةِ وَيَشْهَدُ عِنْدَهُ اثْنَانِ. . . إلَخْ) شَرْطُ نِصَابِ الشَّهَادَةِ وَأَطْلَقَ فِي ذَلِكَ فَشَمِلَ تَعْرِيفَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا كَالْأَبِ وَالزَّوْجِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصِحَّةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ قَالَ بِهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عِنْدَ التَّعْرِيفِ وَلَوْ أَخْبَرَ الْعَدْلَانِ أَنَّ هَذِهِ الْمُقِرَّةَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ تَكْفِي هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِنْ عَرَفَهَا بِاسْمِهَا وَنَسَبَهَا عَدْلَانِ يَنْبَغِي لِلْعَدْلَيْنِ أَنْ يَشْهَدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا كَمَا هُوَ طَرِيقُ الْإِشْهَادِ عَلَى الشَّهَادَةِ حَتَّى يَشْهَدَا عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَيَشْهَدَا بِأَصْلِ الْحَقِّ أَصَالَةً فَيَجُوزُ وِفَاقًا وَعَنْ ابْنِ مُقَاتِلٍ لَوْ سَمِعَ إقْرَارَ امْرَأَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَشَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ وَذَكَرَ نَسَبَهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا أَطْلَقَ الْجَوَابَ إطْلَاقًا وَقَالَ: " ت " لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا إذَا رَأَى شَخْصًا حَالَ إقْرَارِهَا فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِشَرْطِ رُؤْيَةِ شَخْصِهَا لَا رُؤْيَةِ وَجْهِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهَا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ هَذَا إذَا سَمِعَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ سَمِعَ شَاهِدًا يَشْهَدُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ
(قَوْلُهُ وَلَا بِالتَّسَامُعِ إلَّا فِي النَّسَبِ) قَصْرُهُ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَنْفِي اعْتِبَارَ التَّسَامُعِ فِي غَيْرِهَا وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَلَاءِ بِالسَّمَاعِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا يُقْبَلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قُلْتُ وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا يُقْبَلُ يَعْنِي يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ بِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي لَا تُقْبَلُ. اهـ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْمَهْرِ بِالتَّسَامُعِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ الْوَقْفِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا الْوَقْفُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي أَصْلِهِ دُونَ شَرَائِطِهِ لِأَنَّ أَصْلَهُ هُوَ الَّذِي يَشْتَهِرُ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ ابْنُ الْهُمَامِ ذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُقْبَلُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَاقِفِ أَيْضًا وَأَنْتَ إذَا عَرَفْتَ قَوْلَهُمْ فِي الْأَوْقَافِ الَّتِي انْقَطَعَ ثُبُوتُهَا وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا شَرَائِطُ وَمَصَارِفُ أَنَّهَا يُسْلَكُ بِهَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ لَمْ تَقِفْ عَنْ تَحْسِينِ مَا فِي الْمُجْتَبَى لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الثُّبُوتِ بِالتَّسَامُعِ اهـ