للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا إصْرَارٍ عَلَيْهَا (إنْ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) وَهُوَ مَعْنَى الْعَدَالَةِ كَمَا مَرَّ.

(وَ) تُقْبَلُ أَيْضًا مِنْ (أَقْلَفَ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ بِلَا تَقْيِيدٍ بِالْخِتَانِ وَلِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْعَدَالَةِ هَذَا إذَا تَرَكَهُ لِعُذْرٍ بِهِ مِنْ كِبَرٍ أَوْ خَوْفِ هَلَاكٍ وَإِنْ تَرَكَهُ اسْتِخْفَافًا بِالدِّينِ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَدْلًا وَلَمْ يُقَدِّرْ أَبُو حَنِيفَةَ لَهُ وَقْتًا إذْ لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَالْمَقَادِيرُ لَا تُعْرَفُ بِالرَّأْيِ وَقَدَّرَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فَقِيلَ سَبْعُ سِنِينَ إلَى عَشْرِ سِنِينَ وَقِيلَ الْيَوْمُ السَّابِعُ مِنْ وِلَادَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَى أَنْ يَتَحَمَّلَهُ وَلَا يَهْلِكُ بِهِ.

(وَ) مِنْ (الْخَصِيِّ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْخُنْثَى) إذَا كَانُوا عُدُولًا فَإِنَّ قَطْعَ الْعُضْوِ وَجِنَايَةَ الْأَبَوَيْنِ لَا يُوجِبُ قَدْحًا فِي الْعَدَالَةِ وَقَبِلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَهَادَةَ عَلْقَمَةَ الْخَصِيِّ وَالْخُنْثَى إمَّا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَشَهَادَةُ الْجِنْسَيْنِ مَقْبُولَةٌ ثُمَّ إنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَيُجْعَلُ امْرَأَةً فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ احْتِيَاطًا

(وَالْعَتِيقِ لِلْمُعْتِقِ وَبِالْعَكْسِ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قَنْبَرًا شَهِدَ لِعَلِيٍّ عِنْدَ شُرَيْحٍ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُ وَهُوَ كَانَ عَتِيقَ عَلِيٍّ (وَالْعُمَّالِ) الْمُرَادُ عُمَّالُ السُّلْطَانِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَمَلِ لَيْسَ بِفِسْقٍ إلَّا إذَا كَانُوا عَلَى الظُّلْمِ قَالُوا هَذَا كَانَ فِي زَمَانِهِمْ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الصَّلَاحُ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي زَمَانِنَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِغَلَبَةِ ظُلْمِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي

. (وَ) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَمِنْ حُرِّمَ رَضَاعًا أَوْ مُصَاهَرَةً) كَأُمِّ امْرَأَتِهِ وَبِنْتِهَا وَزَوْجِ بِنْتِهِ وَامْرَأَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ بَيْنَهُمْ مُتَمَيِّزَةٌ وَالْأَيْدِي مُتَحَيِّزَةٌ وَلَا بُسُوطَ لِبَعْضِهِمْ فِي مَالِ الْبَعْضِ فَلَا يَتَحَقَّقُ التُّهْمَةُ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِقَرَابَتِهِ وِلَادًا أَوْ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ

. (وَ) تُقْبَلُ (مِنْ كَافِرٍ عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ مَوْلَاهُ أَوْ) عَلَى حُرٍّ كَافِرٍ (مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ) يَعْنِي تَجُوزُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى عَبْدٍ كَافِرٍ مَوْلَاهُ مُسْلِمٌ وَعَلَى وَكِيلٍ كَافِرٍ مُوَكِّلُهُ مُسْلِمٌ (بِلَا عَكْسٍ) أَيْ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى عَبْدٍ مُسْلِمٍ مَوْلَاهُ كَافِرٌ وَعَلَى وَكِيلٍ مُسْلِمٍ مُوَكِّلُهُ كَافِرٌ فَإِنَّ مُسْلِمًا إذَا كَانَ لَهُ عَبْدٌ كَافِرٌ أَذِنَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ كَافِرَانِ بِشِرَاءٍ أَوْ بَيْعٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةُ كَافِرٍ قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ أَمْرٍ عَلَى الْكَافِرِ قُصِدَ أَوْ لَزِمَ مِنْهُ الْحُكْمُ عَلَى الْمَوْلَى الْمُسْلِمِ ضِمْنًا وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى كَافِرًا وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مُسْلِمًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةُ كَافِرٍ قَامَتْ عَلَى إثْبَاتِ أَمْرٍ عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَكَّلَ كَافِرًا بِشِرَاءٍ أَوْ بَيْعٍ فَشَهِدَ عَلَى الْوَكِيلِ شَاهِدَانِ كَافِرَانِ بِشِرَاءٍ أَوْ بَيْعٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ لِأَنَّهَا قَامَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ عَلَى الْكَافِرِ وَلَوْ أَنَّ كَافِرًا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

بِكَبِيرَةٍ وَلَا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ وَيَكُونَ سِتْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ هَتْكِهِ وَصَوَابُهُ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِهِ وَمُرُوءَتُهُ ظَاهِرَةً وَيَسْتَعْمِلَ الصِّدْقَ وَيَجْتَنِبَ الْكَذِبَ دِيَانَةً وَمُرُوءَةً ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ أَفْرَادٍ نَصَّ عَلَيْهَا مِنْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ كَوْنِ الْإِمَامِ لَا طَعْنَ عَلَيْهِ فِي دِينٍ وَلَا حَالٍ وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا فِي تَرْكِهَا كَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدًا أَفْضَلِيَّةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْإِمَامُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ بِالتَّرْكِ وَكَذَا بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَالْحَلْوَانِيِّ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ مَنْ أَكَلَ فَوْقَ الشِّبَعِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ فِي غَيْرِ إرَادَةِ التَّقْوَى عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ مُؤَانَسَةِ الضَّعِيفِ وَكَذَا مَنْ خَرَجَ لِرُؤْيَةِ السُّلْطَانِ وَالْأَمِيرِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَرَدَّ شَدَّادٌ شَهَادَةَ شَيْخٍ صَالِحٍ لِمُحَاسَبَةِ ابْنِهِ فِي النَّفَقَةِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ كَأَنَّهُ رَأَى مِنْهُ تَضْيِيقًا وَمُشَاحَّةً تَشْهَدُ بِالْبُخْلِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ رُكُوبَ الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ التَّفَرُّجِ يُسْقِطُ الْعَدَالَةَ وَكَذَا التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ وَقُرَى فَارِسٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ مُخَاطِرٌ بِدِينِهِ وَنَفْسِهِ لِنَيْلِ الْمَالِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكْذِبَ لِأَجْلِ الْمَالِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ إذَا كَانَ مُوسِرًا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَاهُ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَا مَنْ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ بِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارٍ بَاطِلٍ وَكَذَا عَلَى فِعْلٍ بَاطِلٍ مِثْلِ مَنْ يَأْخُذُ سُوقَ النَّخَّاسِينَ مُقَاطَعَةً وَأَشْهَدَ عَلَى وَثِيقَتِهَا شُهُودًا قَالَ الْمَشَايِخُ إنْ شَهِدُوا حَلَّ لَهُمْ اللَّعْنُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى بَاطِلٍ فَكَيْفَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى مُبَاشِرِي السُّلْطَانِ عَلَى ضَمَانِ الْجِهَاتِ وَالْإِجَازَةِ الْمُضَارَّةِ وَعَلَى الْمَحْبُوسِينَ عِنْدَهُمْ وَاَلَّذِينَ فِي تَرْسِيمِهِمْ اهـ فَاغْتَنِمْ لِمَا جَلَّ وَلَا تَمِلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْيَوْمُ السَّابِعُ مِنْ وِلَادَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَى أَنْ يَحْتَمِلَهُ وَلَا يَهْلِكَ بِهِ) اسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خُتِنَا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ أَوْ بَعْدَ السَّابِعِ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ وَهُوَ أَيْ الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَمَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهَا تَكُونُ أَلَذُّ عِنْدَ الْمُوَاقَعَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا فَيُجْعَلُ امْرَأَةً فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ) لَيْسَ احْتِرَازِيًّا عَنْ غَيْرِ الشَّهَادَةِ لِمُعَامَلَتِهِ بِالْأَضَرِّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ نَحْوَ الْإِرْثِ وَالْإِمَامَةِ

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانُوا عَلَى الظُّلْمِ. . . إلَخْ) كَذَا مَا نَقَلَهُ الْكَمَالُ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ أَنَّ شَهَادَةَ الرَّئِيسِ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا الْجَابِي وَالصَّرَّافُ الَّذِي يَجْمَعُ عِنْدَهُ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذُهَا طَوْعًا لَا تُقْبَلُ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّ الْقَائِمَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْجِبَايَاتِ بِالْعَدْلِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَأْجُورٌ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ ظُلْمًا فَعَلَى هَذَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَالْمُرَادُ بِالرَّئِيسِ رَئِيسُ الْقَرْيَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي بِلَادِنَا شَيْخُ الْبَلَدِ وَمِثْلُهُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَرَاكِبِ وَالْعُرَفَاءُ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ وَضُمَّانُ الْجِهَاتِ فِي بِلَادِنَا لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَعْوَانٌ عَلَى الظُّلْمِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>