للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَفَادَهَا بِالْإِسْلَامِ وَلَمْ يَلْحَقْهَا رَدٌّ وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً زَمَانَ الرَّدِّ وَالْحَدِّ فَلَمَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْكَافِرِ ضَرُورَةً بِخِلَافِ الْعَبْدِ إذَا حُدَّ بِالْقَذْفِ ثُمَّ عَتَقَ حَيْثُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ إذْ لَا شَهَادَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا حَالَ رَقِّهِ فَيَتَوَقَّفُ الرَّدُّ عَلَى حُدُوثِهَا لَهُ فَإِذَا حَدَثَ كَانَ رَدُّ شَهَادَتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ

(وَمَسْجُونٍ فِي حَادِثِ السِّجْنِ) يَعْنِي إذَا حَدَثَ بَيْنَ أَهْلِ السِّجْنِ حَادِثَةٌ فِي السِّجْنِ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَشْهَدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِكَوْنِهِمْ مُتَّهَمِينَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ

(وَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَزَوْجٍ وَعِرْسٍ وَسَيِّدٍ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ) الْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَا الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَلَا الزَّوْجِ لِامْرَأَتِهِ وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وَلَا الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ وَلَا الْأَجِيرِ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ» وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ عَلَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ التِّلْمِيذُ الْخَاصُّ الَّذِي يَعُدُّ ضَرَرَ أُسْتَاذِهِ ضَرَرَ نَفْسِهِ وَنَفْعَهُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا شَهَادَةَ لِلْقَانِعِ بِأَهْلِ الْبَيْتِ» وَقِيلَ هُوَ الْأَجِيرُ مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً لِأَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ الْأَجْرَ بِمَنَافِعِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهَا

(وَشَرِيكِهِ فِيمَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ) لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ فَلَوْ شَهِدَ فِيمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ تُقْبَلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ

(وَمُخَنَّثٍ يَفْعَلُ الرَّدِيءَ) لِإِصْرَارِهِ عَلَى الْفِسْقِ وَأَمَّا مَنْ فِي كَلَامِهِ لِينٌ وَفِي أَعْضَائِهِ تَكَسُّرٌ وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِشَيْءٍ مِنْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لَوْ ضُرِبَ الذِّمِّيُّ سَوْطًا فَأَسْلَمَ ثُمَّ ضُرِبَ الْبَاقِي بَعْدَ الْإِسْلَامِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا ضُرِبَ السَّوْطَ الْأَخِيرَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَسْجُونٍ فِي حَادِثِ السِّجْنِ) كَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا يَقَعُ فِي الْمَلَاعِبِ وَكَذَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ لِعَدَمِ حُضُورِ الْعُدُولِ السِّجْنَ وَلَا الْبَالِغِينَ مَلَاعِبَ الصِّبْيَانِ وَلَا الرِّجَالِ حَمَّامَاتِ النِّسَاءِ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا شَرَعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا آخَرَ وَهِيَ مَنْعُ النِّسَاءِ عَنْ الْحَمَّامَاتِ وَالصِّبْيَانِ عَنْ الْمَلَاعِبِ وَالِامْتِنَاعِ عَنْ مُبَاشَرَةِ مَا بِهِ يَصِيرُ مُسْتَحِقًّا لِلسَّجْنِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ كَانَ التَّقْصِيرُ مُضَافًا إلَيْهِمْ لَا إلَى الشَّرْعِ كَذَا فِي الصُّغْرَى (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِمْ مُتَّهَمِينَ) أَيْ بِارْتِكَابِهِمْ مَا يُوجِبُ السَّجْنَ وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ كَمَا ذَكَرْنَا

(قَوْلُهُ وَزَوْجٍ وَعِرْسٍ) يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي حَادِثَةٍ فَرُدَّتْ فَارْتَفَعَتْ الزَّوْجِيَّةُ فَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّتْ لِفِسْقٍ ثُمَّ تَابَ وَصَارَ عَدْلًا وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ عَتَقَ وَأَسْلَمَ وَبَلَغَ وَأَعَادَ فَمَا تُقْبَلُ فَصَارَ الْحَاصِلُ كُلُّ مَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِمَعْنًى وَزَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَا تُقْبَلُ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْمَعْنَى إلَّا الْعَبْدَ إذَا شَهِدَ فَرُدَّ، وَالْكَافِرُ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيُّ إذَا شَهِدَ كُلُّ فَرْدٍ ثُمَّ عَتَقَ وَأَسْلَمَ وَأَبْصَرَ وَبَلَغَ فَشَهِدُوا بِعَيْنِهَا تُقْبَلُ وَلَا تُقْبَلُ فِيمَا سِوَاهُمْ اهـ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَلَكِنَّ آخِرَهُ يُخَالِفُ أَوَّلَهُ لِحُكْمِهِ ابْتِدَاءً بِقَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ زَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَقَدْ كَانَتْ رُدَّتْ حَالَ قِيَامِهَا وَحُكْمِهِ آخِرًا بِعَدَمِ قَبُولِهَا بِقَوْلِهِ وَلَا تُقْبَلُ فِيمَا سِوَاهُمْ إذْ لَمْ يَسْتَثْنِ لِلْقَبُولِ بَعْدَ الرَّدِّ إلَّا الْعَبْدَ وَالْكَافِرَ وَالْأَعْمَى وَالصَّبِيَّ اهـ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا لِمَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ شَهِدَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ بِالنِّكَاحِ فَرُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَانَ شَهَادَةً ثُمَّ قَالَ وَالصَّبِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ إذَا شَهِدَ فَرُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ جَازَ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً بِدَلِيلِ أَنَّ قَاضِيًا لَوْ قَضَى بِهِ لَا يَجُوزُ فَإِذَا عَرَفْت هَذَا يُسَهِّلُ عَلَيْك تَخْرِيجَ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَرْدُودَ لَوْ كَانَ شَهَادَةً لَا يَجُوزُ بَعْدَ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَهَادَةً تُقْبَلُ عِنْدَ اسْتِجْمَاعِ الشَّرَائِطِ اهـ.

وَلَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الْأَعْمَى إذْ لَوْ قَضَى بِهَا جَازَ فَهِيَ شَهَادَةٌ وَقَدْ حُكِمَ بِقَبُولِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْعَمَى اهـ.

وَلَمَّا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا شَهِدَ الزَّوْجُ الْحُرُّ لِزَوْجَتِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ شَهِدَ لَهَا بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَوَصَّلَ بِطَلَاقِهَا إلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ لِزَوْجِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ لَهُ اهـ وَالْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الصُّغْرَى مَوْجُودَةٌ هُنَا لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ اهـ.

وَلَمَّا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ شَهِدَ الْفَاسِقُ فَرُدَّتْ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَالْبَيْنُونَةِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْكَافِرُ فَرُدَّتْ ثُمَّ عَتَقَ وَبَلَغَ وَأَسْلَمَ وَشَهِدَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا تُقْبَلُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْفَاسِقَ وَالزَّوْجَ لَهُمَا شَهَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَإِذَا رُدَّتْ لَا تُقْبَلُ بَعْدُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْكَافِرِ إذْ لَا شَهَادَةَ لَهُمْ أَصْلًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَزَوْجٍ وَعِرْسٍ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مَمْلُوكًا وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ التِّلْمِيذُ الْخَاصُّ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْأُسْتَاذِ لَهُ وَالْمُسْتَأْجِرِ لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ فَلَوْ شَهِدَ فِيمَا لَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ تُقْبَلُ) يَعُمُّ الْمُفَاوِضَ فَتُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ مُشْتَرِكًا بَيْنَهُمَا نَحْوَ الْعَقَارِ وَالْعُرُوضِ وَمَا لَا يَدْخُلُ فِي الشَّرِكَةِ مُفَاوَضَةً بِشِرَائِهِ وَهُوَ طَعَامُ الْأَهْلِ وَكِسْوَتُهُمْ وَكَذَا الْحُدُودُ وَالْقِصَاصُ وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ فِي كَلَامِهِ لِينٌ وَفِي أَعْضَائِهِ تَكَسُّرٌ) يَعْنِي بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَفْعَالِ الرَّدِيئَةِ إذْ لَوْ كَانَ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>