للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا إمَامًا لِلْآخَرِ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ أَوْ يَكُونَ لَهُمَا إمَامٌ فِيمَا يُؤَدِّيَانِهِ فَيَشْمَلُ الشَّرِكَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَبَيْنَ الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ إنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصَّلَاةِ قَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً كَمَا فِي الْمُدْرِكِ، وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا كَمَا فِي اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا يَقْتَضِي كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَيْضًا إنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَالتَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّ الْمُحَاذَاةَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُفْسِدَةٌ. الْخَامِسُ كَوْنُهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ بِلَا حَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْمُحَاذَاةَ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْأَحْوَالِ الْقُعُودُ فَقُدِّرَ أَدْنَاهُ بِهِ وَغِلَظُهُ كَغِلَظِ الْإِصْبَعِ وَالْفُرْجَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ وَلِهَذَا لَمْ يُفْرِدْهَا بِالذِّكْرِ وَأَدْنَاهُ قَدْرُ مَا يَقُومُ فِيهِ الرَّجُلُ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ. السَّادِسُ كَوْنُ جِهَتِهِمَا مُتَّحِدَةً حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ لَا تُفْسِدُ وَلَا يُتَصَوَّرُ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ إلَّا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَصَلَّى كُلٌّ بِالتَّحَرِّي كَذَا قَالَ السُّرُوجِيُّ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ. السَّابِعُ أَنْ يَنْوِيَ إمَامَتَهَا وَإِمَامَةَ النِّسَاءِ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَا بَعْدَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُحَاذَاةَ لَا يَجِبُ كَوْنُهَا بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ بَلْ يَكْفِي كَوْنُهَا بِبَعْضِهَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ حَدُّ الْمُحَاذَاةِ أَنْ يُحَاذِيَ عُضْوٌ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الظُّلَّةِ وَالرَّجُلُ بِحِذَائِهَا أَسْفَلُ مِنْهَا إنْ كَانَ يُحَاذِي الرَّجُلُ شَيْئًا مِنْهَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُحَاذَاةِ السَّاقُ وَالْكَعْبُ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرَ الْقَدَمَ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ مُشْتَهَاةٌ فَاعِلُ حَاذَتْهُ أَيْ حَاذَتْ مُشْتَهَاةٌ رَجُلًا مِقْدَارَ مَا يُؤَدَّى فِيهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ (وَلَوْ) كَانَتْ تِلْكَ الْمُحَاذَاةُ (بِعُضْوٍ) وَاحِدٍ فَيَكُونُ قَوْلُهُ قَدْرَ رُكْنٍ إشَارَةً إلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ. وَقَوْلُهُ (مُشْتَهَاةً، وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ) بِأَنْ تَكُونَ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَه أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الثَّانِي. وَقَوْلُهُ (فِي صَلَاتِهِمَا الْكَامِلَةِ) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الثَّالِثِ. وَقَوْلُهُ (الْمُشْتَرَكَةُ تَأْدِيَةً) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ وَلَمْ يَقُلْ أَدَاءً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مُقَابِلُ الْقَضَاءِ. وَقَوْلُهُ (فِي مَكَان بِلَا حَائِلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَاذَتْهُ وَإِشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ الْخَامِسِ. وَقَوْلُهُ (وَاتَّحَدَتْ جِهَتُهُمَا) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ السَّادِسِ. وَقَوْلُهُ (فَسَدَتْ صَلَاتُهُ) جَزَاءً لِقَوْلِهِ لَوْ حَاذَتْهُ. وَقَوْلُهُ (إنْ نَوَى إمَامَتَهَا وَإِلَّا صَلَاتَهَا) إشَارَةٌ إلَى الشَّرْطِ السَّابِعِ.

(قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَهُمْ قُدَّامَهُمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمْ) ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ وَصَفَّ النِّسَاءِ مَانِعٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَلَوْ بِحِذَائِهِمْ مِنْ تَحْتِهِمْ نِسَاءٌ جَازَتْ) صَلَاةُ مَنْ كَانَ عَلَى الظُّلَّةِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ نِسَاءٌ فَلَا مُحَاذَاةَ هَاهُنَا لِمَكَانِ الْحَائِلِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ كَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ صَلَّيَا صَلَاةً وَاحِدَةً وَبَيْنَهُمَا حَائِطٌ.

(الْمُصَلِّي عَلَى رُفُوفِ الْمَسْجِدِ إنْ وَجَدَ فِي صَحْنِهِ مَكَانًا كُرِهَ وَإِلَّا فَلَا) .

(وَيَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعُ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي وَهُوَ الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْعَجَلَةُ وَالْأَوْقَارُ (وَالنَّهْرُ الْكَبِيرُ) وَهُوَ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الزَّوْرَقُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْخِلَافِ عَنْ مَحِلِّ الْوِفَاقِ كَمَا هُوَ دَأْبُهُمْ وَذَلِكَ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ تَحْرِيمَةً شَرْطٌ اتِّفَاقًا وَالِاشْتِرَاكُ أَدَاءً شَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا كَمَا فِي اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ فِيمَا يَقْتَضِي. . . إلَخْ) أَقُولُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ حَاذَتْهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُمَا لَاحِقَانِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُمَا مُشْتَغِلَانِ بِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا بِحَقِيقَتِهَا فَانْعَدَمَتْ الشَّرِكَةُ أَدَاءً وَإِنْ وُجِدَتْ تَحْرِيمَةً وَلَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ وَأَيْضًا إنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ) أَقُولُ وَأَعَمُّ مِنْ اتِّحَادِ الصَّلَاةِ إذْ يَشْمَلُ مَا لَوْ اخْتَلَفَ صَلَاتُهُمَا حَتَّى لَوْ نَوَتْ الظُّهْرَ خَلْفَ مُصَلِّي الْعَصْرِ وَحَاذَتْهُ أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ اقْتِدَاءَهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَرْضًا يَصِحُّ نَفْلًا عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنْ هُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي بَقَاءِ أَصْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ فَسَادِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ الْخَامِسُ كَوْنُهُمَا فِي مَكَان وَاحِدٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَالْإِشَارَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْحَائِلِ فِي عَدَمِ الْفَسَادِ لِمَا قَالَهُ الْكَمَالُ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ إذَا حَاذَتْهُ بَعْدَ مَا شَرَعَ وَنَوَى إمَامَتَهَا فَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّأْخِيرُ بِالتَّقَدُّمِ خُطْوَةً أَوْ خُطْوَتَيْنِ لِلْكَرَاهَةِ فِي ذَلِكَ فِي تَأْخِيرِهَا بِالْإِشَارَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ أَخَّرَ فَيَلْزَمُهَا التَّأَخُّرَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ تَرَكَتْ حِينَئِذٍ فَرْضَ الْمُقَامِ فَتَسْفُدُ صَلَاتُهَا دُونَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْخَشَبَةُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رَأْسَ الرَّاكِبِ وَتَشْدِيدُ الْخَاءِ خَطَأٌ قَالَهُ الْحَدَّادِيُّ.

(قَوْلُهُ السَّابِعُ. . . إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ قَيْدِ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ إلَّا بِنِيَّةِ إمَامَتِهَا إذْ لَوْ لَمْ يَنْوِ إمَامَتَهَا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهَا.

(قَوْلُهُ مُشْتَهَاةً) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ مُحَاذَاةِ الْأَمْرَدِ فَقَدْ صَرَّحَ الْكُلُّ بِعَدَمِ إفْسَادِهَا إلَّا مَنْ شَذَّ وَلَا مُتَمَسَّكَ لَهُ فِي الدِّرَايَةِ وَالرِّوَايَةِ قَالَهُ الْكَمَالُ.

(قَوْلُهُ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ، وَكَذَا مُخْتَصَرُ الظَّهِيرِيَّةِ قَوْمٌ صَلَّوْا عَلَى ظَهْرِ ظُلَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْتَ أَقْدَامِهِمْ نِسَاءٌ أَوْ طَرِيقٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحِذَائِهِمْ) يَعْنِي عَنْ يَمِينِهِمْ أَوْ يَسَارِهِمْ فَتَغَايُرُ مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كُنَّ تَحْتَ أَرْجُلِهِمْ وَقُدَّامَهُمْ.

. (قَوْلُهُ الْمُصَلِّي عَلَى رُفُوفِ الْمَسْجِدِ) كَذَا مِثْلُهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا إنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهَةٌ.

(قَوْلُهُ النَّهْرُ الْكَبِيرُ. . . إلَخْ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>