للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التجارة أيضًا، إذن هو يسعى إلى نمائها وإلى الربح فيها، فهذا مقصوده، وغير السائمة لا يظهر فيها هذا المعنى، فمثلًا إنسان عنده إبل يُخرج الماء بها من البئر، أو ليحمل عليها الماء من بئرٍ آخر، أو ليسقي، أو ليحمل عليها بضاعته أو نحو ذلك، فهذه حقيقة لم يُقصد بها النماء، وما قُصد به النماء وهو مُراعى، فإنه تجب فيه الزكاة، وهذا ظاهرٌ في السائمة دون غير السائمة.

* قوله: (وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهَا: "فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" فَهُوَ أَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي الْمَقْصُودُ مِنْهَا النَّمَاءُ وَالرِّبْحُ).

عاد المؤلف فذكر هذا، وهذه فعلًا يُقصد بها النماء والربح؛ لأن الإنسان إذا نشر ماشيته، ومعلوم أن كثيرًا من الناس وخصوصًا البادية الذين يتنقلون من مكان إلى مكان، فتجدهم رُحَّلًا من موضع إلى موضع يتتبَّعون الأماكن التي فيها المطر والكلأ؛ حتى يشربوا وتشرب أنعامهم، وكذلك ترعى أنعامهم ودوابُّهم، فهم يسعون في ذلك إلى تسمين هذه الغنم، وتوالدها وتكاثرها، فقصدهم بذلك النماء، وكذلك يقصدون أيضًا الربح، لكن الذي يستخدم هذا الحيوان فإنه يعلفه، وربما يكون ما يُنفق عليه من علف يفوق ما يستفيده منه، فهو يُنفق عليه مقابل الاستفادة من خدمته، لكنه إذا كان يعيش في المراعي فإنه لا يُنفق عليه شيئًا، وإنما يأكل من الكلأ، ويشرب من الماء الذي يجده في الغالب.

* قوله: (وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِيهَا أَكْثَرُ ذَلِكَ، وَالزَّكاةُ إِنَّمَا هِيَ فَضَلَاتُ الْأَمْوَالِ، وَالْفَضَلَاتُ إِنَّمَا تُوجَدُ أَكْثَرَ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ السَّائِمَةِ).

يقصد المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ بـ "الفضلة" الزائد؛ أي: المال الزائد على النِّصاب، فما دام قد بلغ النصاب؛ فإنه تجب فيه الزكاة، والمعنى: ما زاد عن حاجة الإنسان، بأن توفَّر عنده شيء من المال أو الماشية، فإذا وصلت إلى الحد بشروط الزكاة، فإن الزكاة تُؤدَّى في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>