فهذه امرأةٌ جاءت من اليمن وافدةً إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، تريد أن تستفيد علمًا وخيرًا، فلاحظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهكذا شأن الداعية أيضًا والموجه، إذا رأى أخاه المسلم وقع في خطأٍ، فلا ينبغي له أن يتركه دون أن يرشده، فإن من دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله، من دلَّ على هدى كان له مثل أجر من فعله، لا ينقص من أجورهم شيئًا، فرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رأى في يد ابنة هذه المرأة سوارين فسألها:"أتعطين زكاة ذلك؟ "، قالت: لا، فخوفها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "أترضين أن تطوقين بهما بسوارين من نار يوم القيامة"، لا شك قالت: لا، فخلعتهما وألقتهما.
وكذلك نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عندما خطب النساء في العيد وقال:"تصدقنَ فإنكنَّ حطب جهنم"، كُنّ يأخذن ما في أيديهن ويلقينة، فهذه سرعة في الاستجابة إلى أحكام اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فنأخذ من ذلك مثالًا ونموذجًا طيبًا مما كان عليه الصدر الأول في سرعة نزولهم واستجابتهم للَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولأحكام رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وهذا الحديث الآنف ذكره اختلف فيه من حيث السند، فبعضهم يضعفه؛ لأنه يقول: هذا من روايةِ ابن لحي، وأيضًا من رواية المثنى بن الصبّاح، وقالوا: إن الإمام الترمذي أخرج الحديث في جامعه وحكم عليه بالضعف.
ونحن لو وقفنا عند هذا الحد لقلنا: هو ضعيفٌ، لكنَّ المشتغل بالحديث دائمًا والمشتغل بالفقه، لا يقف عند هذا الحد، وإنما ينبغي أن يتتبع سند الحديث، وأن يعرف الطرُق التي ورد فيها، هل كل طريقٍ جاء فيه هو عن طريق ابن لحى أو المثنى، لا، وإنما رواه أبو داود من طريقٍ آخر، ومن هنا نقول: إن الحديث الذي جاء في مُسند أبي داود إنما هو حديث حسنٌ يحتج به، وبذلك تبطل دعوى الذين قالوا من أهل العلم بأن هذا حديث ضعيفٌ لا يحتج به.
[ما هو وجه الدلالة من هذا الحديث؟]
هذا الحديث نصه نصٌّ صريحٌ في وجوب زكاة الحلي؛ لأنَّ هذه