للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأضعاف مضاعفة، فكيف يعرض نفسه للقتل مقابل أن يدفع الدية؟ فهو قد ارتكب ذنبًا واستحق القصاص، فالواجب أن يحمد الله أن عفي عنه وطلبت الدية.

- قوله: (وَيَلْزَمُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءُ صِغَارٌ وَكبَارٌ أَنْ يُؤَخِّرَ القَتْلَ إِلَى أَنْ يَكْبُرَ الصِّغَارُ فَيَكُونَ لَهُمُ الخِيَارُ (١)، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الصِّغَارُ يَحْجُبُونَ الكِبَارَ مِثْلَ البَنِينَ مَعَ الإِخْوَةِ (٢)).

[اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين]

القول الأول: أنه لا يجوز أن يستوفي الكبار الحق في القصاص أو أن ينتقلوا إلى الدية بل ينتظر الصغار إلى أن يبلغوا، وذهب إلى ذلك الشافعية والحنابلة، وهو قول الأكثر.

القول الثاني: إلى أنه يجوز للكبار أن يستوفوا الحق في القصاص،


(١) مذهب مالك: عدم الانتظار إذا ثبت الحق. يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٦٧)، حيث قال: "وإن كان للمقتول أولياء صغار وكبار؛ فللكبار أن يقتلوا، ولا ينتظروا الصغار".
وهو مذهب أبي حنيفة، خلافًا لصاحبيه. يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٥/ ٢٨)، حيث قال: " (وإذا كان القصاص بين كبار وصغار فللكبار الاستيفاء) وقالا: ليس للكبار، وذلك لأنه حق مشترك بينهم، فلا ينفرد به أحدهم كالحاضر مع الغائب وأحد الموليين".
وأما مذهب الشافعي وأحمد: فهو وجوب انتظار بلوغ الصبي. يُنظر: "المنهاج" للنووي، (ص ٢٧٦)، حيث قال: "الصحيح ثبوته لكل وارث، وينتظر غائبهم وكمال صبيهم، ومجنونهم ويحبس القاتل ولا يخلي بكفيل".
و"الإقناع في فقه الإمام ابن حنبل" للحجاوي (٤/ ١٨١)، حيث قال: "فإن كان صغيرًا أو مجنونًا لم يجز استيفاؤه، ويحبس القاتل حتى يبلغ الصغير، ويعقل المجنون، وليس لأبيهما استيفاؤه كوصي وحاكم".
(٢) لأن هذه الحال يمضي فيها عفو البنين، وستأتي المسألة مفصلة، وخلاصتها. يُنظر: "منح الجليل" لعليش (٩/ ٧٧)، حيث قال: " (وسقط) القصاص (إن عفا) عن القاتل (رجل) ممن له الاستيفاء (كالباقي) في الدرجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>