للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- سُمَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَنْ سَمَّهُ (١). كَمُلَ كتَابُ القِصَاصِ فِي النَّفْسِ).

قوله: "واختلفوا في القتل بالسم"، أي: إذا وضع له السم ليقتله به، أما إن خلط السم بغيره فإنه لا يقتل به (٢).

[واختلف أهل العلم في القتل بالسم على قولين]

القول الأول: أنه يقتص منه، وحده -أي: عقوبته- ضربة بالسيف، وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد وهي رواية عن الشافعي، فلا فرق عند الجمهور بين القتل بالسم أو السيف.

القول الثاني: أنه لا يُقتل به؛ لأنه أكل ذلك اختيارًا، وإليه ذهب أهل الظاهر، ورواية عن الشافعي.

واحتج هؤلاء بما رواه البخاري في قصة اليهودية التي أتت بشاة مسمومة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأكل منها، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يقتل تلك اليهودية (٣).


(١) أخرجه البخاري (٣١٦٩) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: لما فتحت خيبر أهديت للنبي -صلى الله عليه وسلم- شاة فيها سم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجمعوا إلي من كان هاهنا من يهود" فجمعوا له، فقال: "إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟ "، فقالوا: نعم، قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من أبوكم؟ "، قالوا: فلان، فقال: "كذبتم، بل أبوكم فلان"، قالوا: صدقت، قال: "فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه؟ "، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم: "من أهل النار؟ "، قالوا: نكون فيها يسيرًا، ثم تخلفونا فيها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدًا"، ثم قال: "هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ "، فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قال: "هل جعلتم في هذه الشاة سُمًّا؟ "، قالوا: نعم، قال: "ما حملكم على ذلك؟ "، قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح، وإن كنت نبيًّا لم يضرك".
(٢) في المسألة خلاف، وقد نقلت أقوال أكثر العلماء في ذلك في حاشية "القتل بالسم".
(٣) سبق في كلام ابن رشد.

<<  <  ج: ص:  >  >>