للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: أن الحديث ورد مضربًا للمثل، القصد منه: التمثيل؛ فلا يمكن أن ندع أدلةً قطعية صحيحةً، وهي نص في المدعى، تدلُّ على أول الوقت وآخره، ثم نأخذ بمفهوم حديث جاء مضربًا للمثل، وهناك كلام أيضًا للعلماء غير ذلك، ولكن هذا التعليل من أقوى التعليلات في نظري، في الرد على الحنفية في استدلالهم بهذا الحديث.

* فائدة:

أول ما بدأ الفقه كان مسائل جزئية؛ ثم بدأت تتسع، وأخذ الأئمة يتوسعون في مسائله ويجتهدون فيها؛ ثم جاء تلاميذهم؛ فخرجوا على مسائلهم؛ ثم بعد ذلك أخذ العلماء يبحثون عن أدلة وعلل الأحكام، ويزيدون في التخريج؛ ثم بعد ذلك خرجت كتب الخلاف والأدلة.

فكتب الأدلة جاءت متأخرة، ولذلك الدبوسي من أول مَن كتب في مسائل الخلاف في الفقه، وكتابه: "الأسرار المعروفة"، يعنى فيه بالأدلة النقلية، والأدلة العقلية والمناقشات، والكتاب كبير، وقد طبع منه أجزاء متفرقة، ولا يزال مخطوطًا، وهو مِن أول ما كُتب في الأدلة وأقواه، ولا يستطيع أن يتعمق فيه إلا طالب العلم الذي درس الفقه بدقة.

* قوله: (قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: "وَلَيْسَ كمَا ظَنُّوا وَقَدِ امْتَحَنْتُ الأمْرَ فَوَجَدْتُ القَامَةَ تَنْتَهِي مِنَ النَّهَارِ إِلَى تِسْع سَاعَاتٍ وَكَسْرٍ"؛ قَالَ القَاضِي: "أَنَا الشَّاكُّ فِي الكَسْرِ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَثُلثٍ" (١)، وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِاتِّصَالِ الوَقْتَيْنِ، (أَعْنِي: اتِّصَالًا -لَا بِفَصْلٍ- غَيْرَ مُنْقَسِمٍ) قَوْلُهُ عَلَيْهِ


(١) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٣/ ١٩١) قال: "وقت الظهر أطول من وقت العصر أبدًا في كل زمان ومكان؛ لأن الشمس تأخذ في الزوال في أول الساعة السابعة، ويأخذ ظل القائم في الزيادة على مثل القائم -بعد طرح ظل الزوال- في صدر الساعة العاشرة؛ أما في خمسها الأول إلى ثلثها الأول: لا يتجاوز ذلك أصلا في كل زمان ومكان".

<<  <  ج: ص:  >  >>