للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كانت غير هذه ففيها خلاف بين العلماء، وسبب الخلاف هنا هو أنه جاءت في ذلك أحاديث، فبعضهم أخذ بهذا وبعضهم أخذ بهذا، ولهذا نرى بأن الخلاف يقع بين العلماء عندما تأتي أدلة قد تختلف في مدلولاتها أو ربما يختلف العلماء في مفهومها، أو ربما يرى بعضهم أن هذه أقوى من جانب وهذه من جانب آخر، وربما يكون لصاحب هذا القول دليل آخر يقوي ما ذهب إليه أو يقوي به هذا الدليل، وهذا الدليل قد يكون من السنة، وربما يكون أيضًا من القياس.

• قوله: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَشْهُورُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا (١) لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي قِيمَةَ الْعَدْلِ" (٢)، الْحَدِيثَ).

[معنى هذا الحديث]

أولًا: فيه حضٌّ على إعتاق الرقاب، - وكما هو معلوم - أن وضع اليد والملك إنما هو بسبب الكفر، وإذا استولى المسلمون وأسروا أسيرًا كافرًا؛ فإنه يبقى بعد ذلك مملوكًا، وحتى وإن أسلم، لكن هذه الشريعة الإسلامية الغراء التي ما طرق العالم مثلها أرادت أن تقرب بين نفوس المؤمنين، وتنشر المحبة والمودة والألفة بينهم.

والأدلة كثيرة جدًّا في الحض على العتق، مثل:

"من أعتق شقصًا".

وفي بعض الروايات: "من أعتق شركًا له في عبد قوم عليه بنصيب شريكه".

فالقصد، أنه إذا وُجِد عبدٌ مملوكٌ بين اثنين، فأراد أحدهما أن يعتق نصيبه، فما الحكم في هذه الحالة؟


(١) قال الهروي: "قال شمر: الشقص والشقيص النصيب والشرك. انظر: "الغريبين في القرآن والحديث "لأبي عبيد الهروي (٣/ ١٠٢٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٩١)، ومسلم (١٥٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>