ينبغي على المسلم - كما قلنا - ألا يحلف إلا بالخالق تعالى أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته، ولا يجوز الحلف بالمخلوق مُطلقًا، لا بشيخٍ من الشيوخ، ولا بِمَلَكٍ مُقَرَّبٍ ولا نبيٍّ مُرسَلٍ؛ لأن في الحلف بالمخلوق تعظيمًا له ورفعًا له فوق مكانته اللائقة به، وبعض الناس يَظُنُّ أن مَحَبَّتَهُ لرسول الله تستوجب أن يُعَظِّمَه، فينتهي به الأمر إلى أن يُجاوِزَ به مقام العبودية، في حين قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"(١).
والله سبحانه وتعالى حينما ذَكَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مقام التشريف إنما ذَكَرَهُ بمقام عبوديته لله، فقال سبحانه:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى}[الإسراء: ١]، فتمام التشريف للرسول هو في كونه عَبْدًا من عباد الله سبحانه، لكن الله فَضَّلَهُ بالرسالة وجَعَلَهُ خاتم