للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعها: المزبلة، وهي محل تُرمَى فيه القمامة وغيرها، وهي مظنة النجاسة (١).

خامسها: قارعة الطريق، وسُمي الطريق قارعةً؛ لأنه يُقرع ويوطأ بالأقدام (٢)، ويقال أيضًا: محجة الطريق، أي: الطريق السَّابل التي يُمَر فيها (٣). ومُنِعَ مِنَ الصلاة فيها؛ لأنها عرضة للنجاسة، ومرور الدواب وإلقاء النجاسات، أو لأن المصلي يقف في طريق الناس، فيعطل حركتهم، وهذا نوعٌ مِن الأذى، والمؤمن منهي عن ذلك عامة؛ فكيف في وقت الصلاة! أو منع من ذلك لأنه لو صلى في طريق الناس مقبلين مدبرين؛ فيشوشون عليه، ويذهب خشوعه وثواب صلاته، ويفكر في أمور الدنيا (٤)، وقَدْ كان عمر -رضي الله عنه- يقول: "كنت أجهز الجيش وأنا في الصلاة" (٥)، فما بالك بإنسان عادي، وقد يفكر في أمورٍ مذمومةٍ؛ فهذا لا يجوز.

سَادسُهَا: معاطن الإبل، وَقَد اختلفوا: هَلْ هي الأماكن التي تأوي إليها، مقابل مراح الغنم (٦)؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلُّوا في مرابض


(١) "المزبلة": موضع الزبل، وهو العذرة. انظر: "النظم المستعذب"، لابن بطال الركبي (١/ ٦٦).
(٢) انظر: "تحرير ألفاظ التنبيه"، للنووي (ص ٣٨)، وفيه قال: "قارعة الطريق أعلاه. وقيل: صدره. وقيل: ما برز منه، وهو متقاربٌ، والطريق يُذكَّر ويُؤنَّث".
(٣) "محجة الطريق": الجادة المسلوكة التي تَسْلكها السابلة. وقارعة الطريق: يعني التي تقرعها الأقدام، مثل الأسواق والمشارع والجادة للسفر". انظر: "المغني" (٢/ ٥٣).
(٤) انظر: "الحاوي الكبير"، للماوردي (٢/ ٢٦٢)، وفيه قال: " (فأَمَّا نَهْيه -صلى الله عليه وسلم- على قارعة الطريق، فالمعنى فيه: إيذاء المارة والمجتازين، وإيذاء المصلى بهم، وقلة خشوعه باجتيازهم"، انظر: "البيان" للعمراني (٢/ ١١٣).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٣٠٦)، عن أبي عثمان النهدي، قال: قال عمر: إنِّي لأجهز جيوشي وأنا في الصلاة.
(٦) "مُرَاحُ الغنم" بضم الميم: موضع مبيتها. وقيل: مسيرها إلى المبيت. انظر: "مشارق الأنوار"، للقاضي عياض (١/ ٣٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>