للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ بِالفَرْكِ قَالَ: الفَرْكُ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ كمَا يَدُلُّ الغَسْلُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى هَذَا فَلَا حُجَّةَ لِأُولَئِكَ فِي قَوْلِهَا، فَيُصَلِّي فِيه، بَلْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّ النَّجَاسَةَ تُزَالُ بِغَيْرِ المَاءِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ المَالِكِيَّةِ.

البَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ المَحَالِّ الَّتِي يَجِبُ إِزَالَتُهَا عَنْهَا

وَأَمَّا المَحَالُّ الَّتِي تُزَالُ عَنْهَا النَّجَاسَاتُ فَثَلَاثَةٌ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، أَحَدُهَا: الأَبْدَانُ، ثُمَّ الثِّيَابُ، ثُمَّ المَسَاجِدُ وَمَوَاضِعُ الصَّلَاةِ، وإِنَّمَا اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا مَنْطُوقٌ بِهَا فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الثّيَابُ فَفِي قَوْله تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] عَلَى مَذْهَبِ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الحَقِيقَةِ، وَفي الثَّابِتِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "بغَسْلِ الثَّوْبِ مِنْ دَمِ الحَيْضِ (١) وَصَبِّهِ المَاءَ عَلَى بَوْلِ الصَّبِيِّ الَّذِي بَالَ عَلَيْهِ" (٢)، وَأَمَّا المَسَاجِدُ فَلأمْرِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِصَبِّ ذَنُوبِ مِنْ مَاءٍ عَلَى بَوْلِ الأَعْرَابِيِّ الَّذِي بَالَ فِي المَسْجِدِ (٣)، وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "أَنَّهُ أَمَرَ بِغَسْلِ المَذْيِ مِنَ البَدَنِ" (٤)، "وَغَسْلِ النَّجَاسَاتِ مِنَ المَخْرَجَيْنِ" (٥).


(١) تقدم تخريجه، وأدخل حديثين في بعضهما.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ورد في صحيح البخاري (٢٦٩) عن علي قال: كنت رجلًا مذّاءً فأمرت رجلًا أن يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته فسأل فقال: "توضأ واغسل ذكرك".
(٥) المؤلف يروي الحديث بالمعنى، وأقرب شيءٍ لما أراده المؤلف هو حديث ابن ماجه=

<<  <  ج: ص:  >  >>